بغداد: حيدر الجابر
طوال عقود، حافظت الخريطة الإداريَّة للعراق على وضعها من دون تغيير، فمن 8 ألوية إلى 13، ثم إلى 14، وأخيراً 18 في عام 1977، حيث كانت محافظة دهوك آخر محافظة يتم استحداثها، وقبل أيام تم الإعلان عن المضي بإجراءات إعلان المحافظة الـ19، وهي محافظة حلبجة، بعد مرور أكثر من 45 سنة على آخر استحداث.
ودعا عضو لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية، جواد اليساري، إلى استحداث محافظات جديدة، ولا سيما في المنطقة الجنوبية، كما دعا إلى استحداث نواح جديدة، وترفيع النواحي القديمة إلى أقضية.
وقال اليساري لـ"الصباح": إنَّ "العراق يحتاج إلى استحداث محافظات جديدة بسبب زيادة عدد السكان وتقادم النظام الإداري، إذ إنَّ بعض المحافظات الجنوبية تحتاج إلى شطر، مثل شمالي محافظة واسط، والمنطقة الواقعة بين محافظات كربلاء والحلة والنجف، وكذلك البصرة"، وأضاف أنَّ الهدف هو "تخفيف الزخم السكاني، وهذا حق مشروع ولن تؤثر هذه المحافظات الجديدة في وحدة البلاد".
وتابع اليساري: "يجب ترفيع النواحي إلى أقضية واستحداث نواح جديدة، وقد خاطبت وزارة التخطيط باستحداث نواح جديدة ورفع نواح إلى أقضية حسب المعايير المعتمدة"، مؤكداً أنَّ "شروط استحداث محافظة جديدة متوفرة في العديد من الأقضية".
وفي عام 2014، تم طرح مشروع إنشاء محافظة في تلعفر، فيما طالب قضاء الرفاعي والزبير بإعلانهما محافظتين، قبل أن تؤجل هذه الأفكار بسبب الأحداث الأمنية التي رافقت دخول عصابات "داعش" الإرهابية.
وأكد عميد مركز التخطيط الحضري والإقليمي للدراسات العليا، د. كريم حسن علوان أنَّ استحداث محافظات جديدة يهدف إلى تقديم الخدمة، مع وجود معايير محددة لابد من توفرها.
وقال علوان لـ"الصباح": "يعتمد استحداث محافظات جديدة على عدد السكان، لأنَّ الهدف من الوحدات الإدارية هو تقديم الخدمة داخل المدينة أو المحافظة، وذلك حسب معايير تحدد عدد السكان والوحدات الإدارية التي تستوعبها"، وأضاف "أحياناً ترتبط الأمور بمقدار ما ينفق حجم الوحدة الإدارية، إضافة إلى وجود عوامل أخرى مثل التراث وغيرها".
وتابع أنَّ "التصميم وتخطيط المدن متغيران زمانياً ومكانياً ولا توجد معايير ثابتة، لأنَّ الهدف الأساس هو خدمة الإنسان للوصول إلى مدن مبتكرة وذكية وهو ما يتجه إليه العالم".
ويضيف متابعون بعض الشروط التي يجب أن تتوفر قبل أن تستحدث أي محافظة جديدة، إضافة إلى وجود مخاوف من تهديد النسيج الاجتماعي المستقر لبعض المحافظات.
وقال الكاتب والصحفي، سلام الزبيدي، لـ"الصباح": "لا بد من توفر بعض الموارد قبل استحداث أي محافظة، لكي تستطيع من خلالها النهوض، وعدم الاعتماد فقط على ما تخصصه الحكومة المركزية من حصص في الموازنة، إذ لابد أن تتمتع المحافظة بمنفذ حدودي أو مطار أو أي مورد آخر يدر أموالاً على المحافظة المستحدثة".
وأضاف أنه "مع ذلك، فإنَّ الدستور العراقي لم يمنع أو يعارض في بنوده استحداث محافظات جديدة، وإنما كفل أن يعيش الفرد بأمان وحرية تامة تحت ظل القانون"، ولفت إلى أنَّ "بعض الأقضية تشعر بأنها مغبونة من المحافظات التي تقع ضمن حدودها، فمن الطبيعي أنها تعمل على المطالبة بالانشطار والعمل على النهوض بواقعها وتطوير بناها التحتية وإنشاء المؤسسات الحكومية، ولا سيما الأقضية الكبيرة".
وحذر الزبيدي من أنَّ "هذا الإجراء سيؤدي إلى العبث بالنسيج السكاني لبعض المحافظات التي تتمتع منذ مئات السنين بتنوع مكوناتها، ويرسخ مفهوم بناء محافظات على أسس عرقية وطائفية ومكوناتية، وهذا من شأنه أن يزيد من حالة التفكك التي يعمل العراق على رأب صدعها والحيلولة دون تفشيها في جميع المحافظات، ولا سيما في الموصل وكركوك وصلاح الدين".
تحرير: محمد الأنصاري