سيف ضياء
تمثل القوة العسكرية فاعلاً من الفواعل الأساسية في إرساء الحكم الرشيد؛ اذ تؤثر تأثراً مباشراً على التنمية المستدامة والأمن المجتمعي، وتبرز أهمية القوة العسكرية في الدور الذي تؤديه في اي مجتمع بشري قديماً وحديثاً وطالما أن السياسة الامنية من اهم واجبات الدولة فإن المؤسسة العسكرية جزءٌ من بناء النظام السياسي ورشادة حكمه، حيث أن تطور المؤسسة العسكرية إدارياً وفنياً سيسهم حتماً في تطور الدولة وإرساء الحكم الرشيد فيها، خاصة أن تطور النظام السياسي ينعكس على الاجهزة المرتبطة به، وهذا سينعكس على تطور المجتمع، وتنميته لكون الامن هو اساس للتنمية ومقوم مهم من مقومات البناء الاجتماعي، حيث إن التنمية ترتبط عملياً بعملية الدفاع عن حدود الدولة باعتبار أن تحرير الارض وحماية مكتسبات التنمية، لا يتحقق إلا في تدعيم القوة الدفاعية التي تتطلب تطوير الإمكانات الاقتصادية وتعبئة الموارد المادية والبشرية، كما أن نمو قدرات المجتمع في الدفاع عن موارده يعطيه الامكانات الاوسع في تحقيق المزيد من البناء، وعليه لا يتحقق الأمن ولا الازدهار، إلا في ظل امن حقيقي فالإبداع والتخطيط كمرتكز اساسي للتنمية هي امور غير ممكنة الحدوث إلا في ظل امن واستقرار يطمئن فيه الانسان على (نفسه، ثرواته، استثماراته)، واذا كان الأمن والاستقرار شرطين ضروريين لاستمرار وجود الجماعة البشرية، فإن التنمية شرطٌ اساسي لدوام الأمن والاستقرار، كما أن لا وجود للتنمية من دون أمن ولأن التوازن والانسجام، يختل ويجب أن يسود العلاقات والمصالح المتداخلة بين الافراد أو المجموعات، وبالتالي يفقد المجتمع أحد أركانه الجوهرية، وتعمَّ الفوضى بشكل لا يسمح بتنظيم العلاقات الاجتماعية، وبالتالي يفقد المجتمع أمنه، وهكذا فإن العلاقة متعدية بينهما، حيث لا يمكن تحقيق وتعزيز الامن دون توفّرِ تصور مستقبلي عن التنمية أو إعداد سياسات عامة تنموية ناجحة من خلالها، يتم منع أسباب ومظاهر العنف، وهذا ما أكد عليه روبرت ماكندر الرئيس السابق للبنك الدولي ووزير الدفاع الأسبق للولايات المتحدة في كتابه (جوهر الأمن)، حينما ربط بين التنمية والامن عندما قال إنه «لا يمكن للدولة ان تحقق أمنها الا اذا تضمنت حد ادنى من الاستقرار الداخلي، الامر الذي لا يمكن تحقيقه الا بتوفر حد ادنى من التنمية على المستوى الوطني، وبالتالي تحقيق علاقة تكامل بين قضايا الامن وقضايا التنمية، فالتنمية المستدامة تحتاج إلى إحداث تطوير وتحسين في جميع العناصر المادية والبشرية، التي يتكون منها المجتمع ويمثل العنصر البشري حجر الزاوية التي لا يتصور أن تتم التنمية إلا في إجراء تغيير ايجابي فيه، لأنه يعتبر في حقيقة الامر هدفاً ووسيلة للتنمية، اما العناصر المادية فإنها عبارة عن الوسائل والعمليات والاجراءات ذات الطابع الاقتصادي، الذي عن طريقها تتم مواجهة عقبات الطابع الإقصائي الذي يمكن عن طريقه أن تتم مواجهة عقبات النمو للتخفيف منها بل والقضاء عليها.