الخيار بين النظامين البرلماني والرئاسي

آراء 2023/03/28
...



  فارس حامد عبد الكريم * 


 لا شكَّ أن النظام البرلماني اكثر تطوراً من النظام الرئاسي، ولكنه يتطلب لنجاحه توفر عدة معطيات منها:

 1 - قيادة سياسية على قدر عال من النزاهة وتقديس المصالح العامة.

2 - دولة مؤسسات تقودها كوادر مهنية كفوءة.

 3 - نظام اجتماعي واعي يقوم اختياره السياسي على اساس المصلحة الوطنية لا العشائرية أو الطائفية.

4 - اعلام حر وقضاء مستقل بكل معنى الكلمة.

اذا لم تتوفر المعطيات المتقدمة، فسيكون النظام البرلماني مأساوياً، وغطاءً للفساد والانتهازية والابتزاز، وسبباً لتأخر التشريعات واضمحلال الخدمات، بسبب المساومات وضعف الرقابة، وبروز ظاهرة الاحزاب الانتهازية التي تكون (قدما في الحكومة وقدما في المعارضة) كحصيلة حتمية لكل نظام برلماني فاسد.

وتكون القيادات السياسية مكبلة بالشروط والتنازلات لإرضاء جماعات متنافرة، لا يربطها رابط سوى البحث عن المصالح الشخصية، ومثاله الحديث ما حصل في تركيا وتونس قبل تحولهما إلى النظام الرئاسي.


مزايا النظام الرئاسي

ينتخب الرئيس من قبل الشعب بالإقتراع العام المباشر عادة. وبذلك يضمن الشعب تخويل شخصية عامة يثق بها، ويتجنب اختيار رئيس تختاره الأحزاب وتثقله بشروطها تحت ضغط الإقالة. 

* يقوم الرئيس باختيار كابينته الوزارية وتكون مسؤولة أمامه لا أمام البرلمان. وفي ذلك فرصة لاختيار اصحاب الكفاءة وزجهم في مفاصل الدولة.

* عادة ما تندمج الأحزاب في ظله لتكوين حزبين رئيسين ليعطيهما القدرة على المنافسة من خلال مرشحيهما.

* الفصل التام للسلطات وبذلك تقوم كل سلطة بمهامها الدستورية دون تدخل من أية سلطة أخرى.

* يمكن لأي مواطن الترشيح لمنصب الرئيس.

* يتيح للعمل الإداري السرعة في اتخاذ القرارات ومعالجة الأزمات والتنفيذ دون الرجوع للبرلمان ولذلك هو في صالح للدول التي تمر بمراحل انتقالية وبحاجة إلى تنمية سريعة شاملة.

* اما أن تحدد سلطات الرئيس بشكل حصري في الدستور وماعدا ذلك يكون من صلاحية البرلمان أو أن تحدد سلطات البرلمان وماعدا ذلك يكون من صلاحيات الرئيس. وبذلك تكون صلاحيات كل سلطة واضحة لاتقبل التداخل والغموض.

* يتفرغ البرلمان في النظام الرئاسي لدوره الأساس في التشريع، ولا يمكن في ظله أن تجد نائباً يتجول بين الوزارات للحصول على امتيازات.

* تكون سلطة القضاء في ظله قوية ونافذة وتراقب دستورية القوانين ومشروعية القرارات، ولها الحق في الغائها عند عدم مشروعيتها.

* تنشأ في ظل النظام الرئاسي أجهزة رقابة فعالة تحد من الفساد بشكل كبير.

* تعجب الجماهير بالنظام الرئاسي وتدعم الرئيس اذا وثقت به خاصة اذا كانت شخصيته قوية. 

 وقد وضعت الدساتير التي تبنت النظام الرئاسي عدة ضمانات منها؛

 1 - لايجوز اعادة انتخاب الرئيس لاكثر من دورتين متتاليتين.

2 - لمجلس النواب عزل الرئيس ولكن اغلب الدساتير حددت اغلبية الثلثين، لعزله لضمان عدم الضغط على الرئيس.

والأسلوب الأحدث هو أن للرئيس حل البرلمان وللبرلمان عزل الرئيس مقابل اعادة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

3 - للمحكمة الدستورية العليا الغاء قرارات الرئيس المخالفة للدستور في اي وقت.

إن النظام الرئاسي يهدف إلى إزالة التعارض في الصلاحيات وتسريع آلية اتخاذ القرار والإصلاحات الاقتصادية، ويسمح بتشكيل حكومات قوية ومحصنة ضد إنهيار الائتلافات الحكومية، فضلاً عن تقويتها في مواجهة الضغوط الخارجية. ويساهم في تفعيل رقابة البرلمان إذ يفصل بينه وبين الحكومة، بينما يضعِف النظام البرلماني الدور الرقابي والتشريعي بسبب قيامه على الإئتلافات التي ترعى مصالحها.

 

 النائب الأسبق لرئيس 

هيئة النزاهة الإتحادية.