وفاة السيدة خديجة {ع}

استراحة 2023/04/01
...

في اليوم العاشر من رمضان على مدار التاريخ، وقعت عدة أحداث مهمة أبرزها وفاة السيدة خديجة بنت خويلد عام 3 قبل الهجرة، وهي السيّدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.. وتلتقي مع زوجها الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه واله وسلم) عند الجد الأكبر (قصي). والدتها «فاطمة» بنت زائدة بن أصمّ بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر، كانت سيّدة جليلة مشهود لها بالفضل والبرّ.

كانت السيدة خديجة (رضوان الله عليها) في الجاهلية تسمى الطاهرة. وسميت بالطاهرة لشدّة عفافها. وتسمى سيدة نساء قريش. وكانت تكنى بأم هند. وقد أقامت مع رسول الله (ص) أربعاً وعشرين سنة وشهراً. ولم يتزوّج عليها غيرها، إلاّ بعد أن توفيت (عليها السلام).

وانها من النساء المختارات عند الله تعالى، فعن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله اختار من النساء أربعاً: مريم وآسية وخديجة وفاطمة». وعن أبي سعيد الخدري: (إنّ رسول الله (ص) قال: إنّ جبرئيل (عليه السلام) قال لي ليلة اُسري بي حين رجعت وقلت: يا جبرئيل هل لك من حاجة؟

قال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومنّي السلام.

وحدّثنا عند ذلك أنّها قالت حين لقيها نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لها الذي قال جبرئيل، قالت: إنّ الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام وعلى جبرئيل السلام).

وكان رسول الله (ص) يقول لخديجة (ع) ويخبرها بما يأتيه من قبل أنْ ينبأ به، وما يراه في منامه، وتخبره هي بقول ورقة، فلمّا أتاه الوحي من عند الله عز وجل بالرسالة أخبرها بذلك ودعاها إلى الإسلام، فأسلمت، كما أسلم علي (عليه السلام) فكانا أوّل مسلمين به. وإنها (ع) أوّل من أسلمت من النساء وآمنت برسول الله منهن، وأوّل من صلّت خلفه.

وعن كتاب الوصية لعيسى بن المستفاد عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألت عن بدء الإسلام كيف أسلم علي (عليه السلام) وكيف أسلمت خديجة؟ فقال: «تأبى إلا أن تطلب أصول العلم ومبتدأه، أما والله إنك لتسأل تفقها». ثم قال: «سألت أبي (ع) عن ذلك فقال لي: لما دعاهما رسول الله (ص) قال: يا علي ويا خديجة أسلمتما لله وسلمتما له، وقال: إن جبرئيل عندي يدعوكما إلى بيعة الإسلام فأسلما تسلما وأطيعا تهديا». فقالا: «فعلنا وأطعنا يا رسول الله».

فقال: «إن جبرئيل عندي يقول لكما: إن للإسلام شروطاً وعهوداً ومواثيق فابتدئاه بما شرط الله عليكما لنفسه ولرسوله أنْ تقولا: نشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه في ملكه، لم يتخذ ولداً ولم يتخذ صاحبة، إلهاً واحداً مخلصاً، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة بين يدي الساعة، ونشهد أن الله يحيي ويميت ويرفع ويضع ويغني ويفقر ويفعل ما يشاء ويَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ».

قالا: «شهدنا». وأنّ جبرئيل أتى النبي (ص) فسأل عن خديجة فلم يجدها، فقال: إذا جاءت فأخبرها أنّ ربّها يقرؤها السلام.

عن الإمام الصادق (ع) قال: «لمّا توفّيت خديجة (ع) جعلت فاطمة (ع) تلوذ برسول الله (ص) وتدور حوله وتقول: يا أبت أين اُمّي؟

قال: فنزل جبرئيل (ع) فقال له: ربّك يأمرك أنْ تقرأ فاطمة السلام وتقول لها: إنّ اُمّك في بيت من قصب، كعابه من ذهب، وعمده ياقوت أحمر، بين آسية ومريم بنت عمران. فقالت فاطمة (ع): إنّ الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام».

ويصف الرسول الكريم (ص) ورود خديجة يوم الحشر بهذه العبارات البليغة: يأتي لاستقبالها سبعون ألف ملك يحملون رايات زيّنت بعبارة «الله أكبر» نعم، إنّها أول سيّدة مسلمة تأكل من فاكهة الجنّة حيث ناولها الرسول الأعظم (ص) بيده الشريفة عنقوداً من عنب الجنّة.

وهناك روايات واخبار كثيرة وردت على لسان النبي (صلى الله عليه واله) ومنها :ـ

قال (صلى الله عليه وآله) :ـ خديجة سبقت جميع نساء العالمين بالإيمان بالله وبرسوله 19.

ـ يا خديجة إنّ الله عزّوجلّ ليباهي بك كرام ملائكته كل يوم مراراً.

ـ والله ما أبدلني الله خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس، ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس.

وجاء في كتاب شجرة طوبى: ولما اشتد مرضها قالت: يا رسول الله اسمع وصاياي.. الوصية الثالثة فإني أقولها لابنتي فاطمة وهي تقول لك فإني مستحية منك يا رسول الله، فقام النبي (ص) وخرج من الحجرة فدعت بفاطمة وقالت: يا حبيبتي وقرة عيني قولي لأبيك إن أمي تقول أنا خائفة من القبر أريد منك رداءك الذي تلبسه حين نزوي الوحي تكفّنني فيه، فخرجت فاطمة وقالت لأبيها ما قالت أمها خديجة، فقام النبي (ص) وسلم الرداء إلى فاطمة وجاءت به إلى أمها فسرّت به سروراً عظيماً. فلما توفيت خديجة أخذ رسول الله (ص) في تجهيزها وغسّلها، فلما أراد أنْ يكفّنها هبط الأمين جبرائيل وقال: يا رسول الله إنَّ الله يقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمد إن كفن خديجة من عندنا فإنها بذلت مالها في سبيلنا فجاء جبرائيل بكفن وقال: يا رسول الله هذا كفن خديجة وهو من أكفان الجنة أهدى الله إليها. فكفنها رسول الله بردائه الشريف أولاً وبما جاء به جبرائيل ثانياً، فكان لها كفنان، كفن من الله وكفن من رسول الله.