كاظم لفتة جبر
يرى ماركس في كتابه الاقتصاد السياسي «ليس وعي البشر هو الذي يحدد وجودهم، بل على العكس يتحدد وعيهم بوجودهم الاجتماعي».
هذه المقولة الماركسية تفتح لنا نافذة لدراسة علاقة الوجود السياسي للأفراد بالوعي والمعرفة والتقدم العلمي للمجتمعات.
فكل فرد هو كائن سياسي له حقوق، وعليه واجبات، وفي ظل التطور التاريخي للبشرية انقسم المفكرين الاجتماعيين والماركسيين خصوصا، إلى مثاليين يرون في الوعي المتمثل بالعقل والروح أساسا في وجود الأفراد السياسي، وعلى العكس منهم، ظهرت القراءة المادية للتاريخ التي ترى بأن وسائل الإنتاج، والعلاقات الاجتماعية هي الأساس في الوجود السياسي.
وهكذا يترجح وجود الأفراد على طول التاريخ السياسي، بين المادي والمثالي، بين الذي يعي وجوده من خلال العملي، والآخر الذي يعي وجوده من خلال الفكري.
لذلك تجد الكثير من الدول الكبرى تتخذ منهجا سياسياً متاح تطبيقه عمليا، في إدارة الحكم، وتوزيع مصادر الإنتاج.
ومن هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتخذ من البراغماتية منهجاً لسياستها.
ويرى ماركس في نظرية الانعكاس الاجتماعية أن أي تغير في المادي له أثر على الفكري، والعكس كذلك ممكن.
لذلك لا يمكن فصل الوجود الاجتماعي للفرد، عن الوجود السياسي، لكون المصلحة في العمل السياسي تخضع للعلاقات الاجتماعية، ووسائل الإنتاج.
وبعد أن طرق التغير بنية النظام السياسي بعد العام 2003م في العراق، تجد أثر هذا الطارئ واضحا على النظام الاجتماعي، والاقتصادي.
فالتغيير السياسي أحدث تغيرا اجتماعيا في بنية المجتمع العراقي، وهذا ناتج عن صراع الطبقات فيما بينها، بعد أن كانت طبقة الحكام والتابعين لهم هم الطبقة العليا في البلد، ولهم امتيازاتهم، عكس الطبقات الأخرى التي عانت الظلم والاستبعاد.
فهذا الصراع المادي بين الطبقات هو أساس الوعي السياسي لدى الأفراد في النظام العراقي قبل العام 2003م .
أما الصراع الطبقي في النظام العراقي الجديد قائمٌ على الصراع الديني الطائفي.
لذلك يقول (ماركس)، لقد أخفقت الفكرة دوما بقدر ما كانت مختلفة عن المصلحة، فجميع الطبقات المناضلة من أجل رفع الظلم عنها، واعتمدت على أيديولوجيات مثالية اصطدمت بواقع المصلحة السياسية، لذلك تجد شعاراتهم غير واقعهم السياسي، وهذا ما تبين من حال النظام السياسي العراقي في الماضي والحاضر القومي والإسلامي.
لذلك اي جماعة سياسية لا يمكن إن يكون لها وجود سياسي، إذ لم يكن لها وجود اجتماعي، ومن متطلبات هذا الوجود المال والجاه.
وبهذا سعت الأحزاب السياسية، فرض وجودها الاجتماعي من خلال المذهبية، و السيطرة على وسائل الإنتاج.
فمن خلال ذلك رسَمت الأحزاب معالم وعيها السياسي الذي يسهم في سيطرتهم على السلطة.