أمير البركاوي
كلما تقدمنا في الحياة زادت متطلباتها واحتياجاتها من مختلف النواحي، والمياه شريان أساسي، لا بد من الاهتمام بمصادره وتوسيع طرق خزنه، لما واجهه البلد من مواسم الجفاف، بسبب السياسة المائية لدول الجوار من جهة وقلة تساقط الامطار من جهة اخرى، أدى ذلك إلى جفاف أهوار العراق وهجرة أهاليها ونفوق حيوناتها، ومن أجل الوقوف على اهمية استثمار مياه الامطار بالطرق العلميَّة كانت لنا هذه الجولة ا
لتحقيقية.
معالجة الجفاف
في البداية توجهنا إلى مديرية الموارد المائية في محافظة النجف الاشرف، وكان لنا لقاء مع مسؤول إعلام المديرية أشرف الحسيني، فسألناه عن حاجة العراق من السدود والخزانات، التي تمكننا استثمار ثروة مياه الامطار لمواسم الجفاف فحدثنا قائلا: نعم لدينا الكثير من السدود والخزانات، التي تستوعب الموجات الفيضانية وتعمل بصورة جيدة، وقد عملت ملاكاتنا في الوزارة بايصال الحصص المائية إلى جميع محطات الاسالة والاراضي الزراعية والبساتين، وحتى تم توفير حصة الاهوار على مدى ثلاثة مواسم جافة، هذا النجاح في توفير هذه المياه يعود إلى عمل السدود والخزانات التي تعمل بكفاءة
عالية. ويضيف الحسيني "بالنسبة إلى مياه الأمطار فقد عالجت الجفاف، نتيجة ثلاثة مواسم جافة بسبب قلة الواردات المائية من دول اعالي المنبع، وقد عملت ملاكات وزارة الموارد المائية على استغلال مياه الأمطار وتامين المياه الرية الأولى والثانية والانتهاء منها للموسم الزراعي الشتوي الحالي، وايضا تم استغلالها وتعزيز المياه إلى نهري دجلة والفرات، وإنعاش الاهوار وحتى تعزيز
حوض الخزانات بهذه المياه.
سوء الإدارة
التقينا الدكتور علي حسين جابر الاختصاص هندسة الموارد المائية فسألناه، هل تكفي السدود في العراق لاستثمار مياه الامطار وخزنها لاطلاقها في مواسع الجفاف فحدثنا قائلا: إن سوء الإدارة والتخطيط هو ما يخص السدود المتلكئة التي تدخل ضمن عنوان سوء الإدارة، فيمكن أن نأخذ امثلة بالتواريخ ونسب انجاز هذه السدود، ومنها سد بخمة، كانت البذرة الأولى لانشاء هذا السد هي 1956 وبدأت المرحلة الأولى لإنشائه 1987 حتى عام 1991 كانت نسبة التنفيذ 35% ولحد هذه اللحظة لم يرَ النور، ولو اكتمل ستكون سعته الخزنية حوالي 17 بليون متر مكعب، والسد الآخر المهم هو سد بادوش، والذي كان المفترض إنشاؤه ليكون بديلا لسد الموصل المهدد بالانهيار، كانت نسب انجازه للجزء الركامي 70%، بينما 40% للكونكريتي، لذلك نتمنى أن يرى النور لكي يتم الاستفادة من خزين حوالي 10 بليون متر مكعب من المياه العذبة.
تجاوزات
ويضيف جابر "التجاوزات على هذين النهرين العظيمين تدخل ضمن سوء الادارة والتنظيم، حيث لا يخفى على القارئ الكريم القاء مياه الصرف الصحي والمصانع والنفايات الصلبة والمبازل المالحة مباشرة دون معالجة، وعدم الاستفادة من مياه الأمطار، وكما ترون هذه الأيام من اهم المشكلات التي تدخل ضمن هذا السبب، وهو سوء الإدارة والتخطيط، حيث بمنة الله تعالى تسقط الأمطار فتتحول إلى نقمة على مناطقنا، ويرجع السبب إلى عوامل تصميمية وتنفيذية وتجاوز من قبل المواطنين على شبكات الأمطار.
حلولٌ مقترحة
يشير جابر إلى حلول مقترحة للحفاظ على مصادر المياه قائلا: إعادة إنعاش الأهوار خصوصا، أن تركيا تحتاج إلى ضخ تصاريف أعلى في الشتاء، فيمكن أن توجه اليها والإسراع باكمال بناء السدود المهمة، خصوصا التي هي قيد الانشاء وتشريع قوانين صارمة بحق المتجاوزين والمتنفذين من اجل منع التجاوزات على المياه العذبة، واقترح كما يفعل في بعض الدول بأن تقوم وزارة الموارد المائية بإنشاء محطة قياس للنهر قبل دخوله لأي محافظة، ويتمُّ تسجيل مقدار الأملاح والملوثات ومحطة أخرى بعد خروج النهر منها لمقارنة النتائج وتغريم المحافظة التي لا تلتزم بالقوانين، وتجميع مياه الأنهار وعدم خلطها بالمياه الآسنة، حيث يتم بعد تجميها إرجاعها إلى النهر بعد إجراء إزالة لبعض الملوثات العالقة، وإكمال انشاء شبكة مبازل معتبرة وربطها بمصب العام، فضلا عن مخاطبة دول الجوار، خصوصا تركيا ودعوتها إلى الالتزام بالاتفاقات الدولية السابقة، والعمل على دراسة مقترحة كانت تدعو إلى ربط نهري دجلة والفرات في منطقة المسيب، حيث يمكن نقل التصاريف الوافرة لنهر دجلة إلى الفرات وانعاشه".
رأي
أمجد الاعرجي - كاتب وصحفي، يقول: إن المياه ثروة كبيرة لا نعرف قيمتها إلا عندما نفقدها، وإن العراق بلد له امكانيات كبيرة وما يترتب عليه في المستقبل أن يعدَّ العدة الحقيقيَّة للسدود وخزانات المياه، وما يتناسب مع مقومات الحياة وبالشكل الصحيح المطلوب، وإن الجميع يعلم بالمتغيرات المناخية الحاصلة، وبالتحديد في فصل الصيف الحار، أرى من الأفضل الاستفادة من الأخطاء السابقة أو على الأقل الإطلاع على دول متقدمة في ذلك، وقد حصلت على تجارب معالجة مشكلة عدم الاستفادة من السدود وخزن المياه، والعمل على توفيرها في وقت الذروة، وتقديمها خدمة لجميع المجالات وبالخصوص مياه الشرب
والسقي.
اما عزام صالح يقول: ليس هناك ما يشير إلى استثمار لمياه الأمطار أو مياه الأنهار أو المياه الجوفية، وليس لدينا اي خطط مستقبلية لتدارك مشكلة المياه، التي يعتمد عليها الانسان العراقي في الزراعة أو في تربية الماشية والأسماك، خصوصا في الأهوار، رغم أن العراق يمتلك منخفضات في تضاريسه الأرضية، والتي لا تحتاج إلى جهد كبير لجعلها أشبه بالسدود، علما أن مياه الأمطار، تسبب في كوارث طبيعية في المناطق الزراعية مثل ديالى، من خلال السيول والتي تقضي على الزراعة وتهجر السكان، ولكن رغم وجود وزارة الزراعة ووزارة الري، إلا أننا لا نشاهد أيَّ مشروع صحيح في استثمار المياه، وهذا ما يؤدي في فصل الصيف إلى الجفاف هجرة السكان إلى مراكز المدن، للبحث عن مكان وعمل آمن، والخطوة الأهم، التي يجب أن تتخذها وزارة الموارد المائية، هي المباشرة بإنشاء خزانات وسدود لاستثمار ثروة المياه في مواسم الوفرة، سواء من حصص العراق المائية أو مياه الأمطار لاستغلالها في سنوات الجفاف.