حمزة مصطفى
منذ أن شرّع البرلمان قانون تجريم التطبيع مع "إسرائيل" دخلنا دائرة الجدل حول طبيعة هذا القانون ومجالات تطبيقه.
ومع أن الإطار العام واضح، لكن الوقوع في دائرة الفهم الخاطئ للقانون، هو الذي يزيد من دائرة الخلط في المفاهيم في المجالين القانوني أو السياسي.
ويعود ذلك لأكثر من سبب، من بينها سوء الفهم أو سوء القصد المسبق.
رسميا لم يكن العراق منذ عام 1948 وحتى اليوم جزءا من سياسات مرتبطة بالتسوية مع الكيان الصهيوني عبر اتفاقيات أو تفاهمات.
وإذا كان ما وقع عام 1948 نكبة بالعرف العربي، فإن ماحصل عام 1967 لم يكن أقل سوءا، لكن العرب نحتوا لما وقع من احتلال إسرائيلي لما تبقى من أراضٍ فلسطينية، فضلا عن احتلال سيناء المصرية والجولان السوري تسمية "النكسة".
في عقد السبعينات ومع زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى القدس عام 1977، دخل مفهوم جديد في التعامل مع الكيان الصهيوني وهو ماسمي بـ "التسوية"، ومهندسها الأكبر هنري كينسجر، وهو ما قاد في النهاية سلسلة الإتفاقيات المعروفة، بدءا من كامب ديفيد عام 1978 إلى أوسلو فوادي عربة في تسعينيات القرن الماضي، حيث انخرط معظم العرب في مباحثات مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان الصهيوني.
ولم يكن العراق جزءا من ذلك.
بعد عام 2003 وبالرغم من إحتلال أميركا للعراق فإن العراق لم ينجر إلى التسوية، ومن ثم التطبيع برغم كل المحاولات الأميركية.
لكن في مقابل ذلك العراق دولة مؤسسة لعدد كبير من المنظمات والجمعيات والمؤتمرات الإقليمية والدولية.
وطبقا لدوره هذا فإنه يشارك في كل هذه المؤتمرات والقمم العالمية، وفي المقدمة منها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
مشاركات العراق هذه سواء قبل قانون التطبيع أو بعده لاتحتاج إلى تبرير أو ذريعة، لكي يدافع عن موقفه في حال حضور أو مشاركة أي مسؤول فيه مثل هذه الفعاليات الدولية، بمن في ذلك المؤتمر الأخير عن الديمقراطية، الذي شارك فيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مشاركة مكتوبة عبر دائرة تلفزيونية.
فكون "الكيان الصهيوني" عضوا في أي من هذه المؤتمرات والمنظمات، فهذا لا يعني حرمان العراق نفسه من أن يكون له رأي أو دور أو حضور، لا سيما أن العراق دائما يضع في سلم أولوياته القضية الفلسطينية، بوصفها قضية العرب والمسلمين المركزية ويدافع من على منابر كل هذه المؤسسات عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
لذلك ما أثير من كلام مؤخرا وما يثار دوما من كلام بحجة قانون التطبيع لا ينطبق لا من قريب ولا من بعيد على مجالات تطبيق قانون التطبيع، كون موقف العراق كدولة واضحا ومعلنا حيال الكيان الصهيوني، دون الحاجة إلى تبرير بشأن مشاركاته في المؤتمرات والمنظمات الدولية.