جعفر الخفاف.. تعويذة الفن العراقي

ثقافة 2023/04/05
...

 بغداد: الصباح

 تصوير: نهاد العزاوي

ضيف ملتقى رضا علوان الثقافي يوم الجمعة الماضي الملحن جعفر الخفاف في أمسية فنية ثقافية، للحديث عن تجربته اللحنية التي استمرت لعقود، قدم الأمسية الشاعر رياض الركابي الذي اطلق على المحتفى به "النهر العذب"، وأضاف "هذا الجعفر استفزنا بوسامته وطيبته وموهبته الكبيرة، فاخترقت الحانه مساماتنا يوم كانت تفاصيلنا اليومية السبعينية مبسطة بلا تعقيد، فأثث لروحية جديدة وكتب بصفحة بيضاء منسلة من سجل الابداع مع زملائه الشباب حينها تاريخا جديدا للفن العراقي". هذه الليلة سنتوقف أمام منجز كبير تجاوز التسعمئة أغنية، والتي شكلت شذرات ثمينة زينت قلادة الغناء العراقي.



 بعدها تحدث الخفاف عن تناقضات حياته فقال "مرت حياتي بعدة تناقضات، فمثلا قبل ألا أبرز كملحن، أخذت جائزة افضل ممثل في كربلاء العام 1969 عن مسرحية "المطعم" لسميح القاسم من إخراج مهدي سميسم، وبدأت أعزف وألحن وأنا في المدرسة، وبعد أن تمَّ قبولي في كلية الفنون الجميلة، اكملت في التمثيل،

وكان اساتذتي الكبار امثال فاضل خليل وجعفر السعدي وسامي عبد الحميد وجعفر علي يسندون لي الأدوار" .

مستدركا " قدمت إلى الاذاعة والتلفزيون وقبلت ملحنا أولا ، فكان عليَّ الاختيار بين التمثيل والتلحين، ووقع اختياري على أن أكون ملحنا، لأنني فكرت، لن استطيع مجاراة الفنانين الكبار في مجال التمثيل آنذاك، وكان أول المشجعين لي الملحن كوكب حمزة".

مبينا "لكنني لم أترك المسرح، وأهم الحاني هي كانت في المسرح، منها كلكامش لسامي عبد الحميد ومسرحيات لفاضل خليل وصلاح القصب وغيرهم، والعديد من "تايتل" مسلسلات لأهم المطربين".

بعدها غنى الخفاف عازفا على عوده أغنية  كان قد كتبها لحبيبته "معذبتني هاي الروح"، تفاعل معها الحضور، الذي غصت به قاعة ملتقى رضا علوان الثقافي.

للمحتفى به الاثر الواضح في مسيرة الأغنية العراقية الحديثة، فقد غنى من ألحانه معظم المطربين العراقيين وعرف عنه سرعة كتابة النوتة الموسيقية، دون استخدام آلة موسيقية، إضافة إلى أنه شاعر كتب الشعر العمودي الفصيح والشعر الشعبي العراقي.

وعبر الإعلامي والناقد الموسيقي سامر المشعل عن سعادته بهذه الامسية قائلا "يسعدني أن نحتفي بطاقة إبداعيَّة كبيرة واسم لامع نفتخر به".

موضحا "من الصعب الامساك بتجربة الخفاف الفنية، فمن ناحية الالحان قدم الحان غنائية ما زالت في الذاكرة، وبأصوات أهم المطربين وعلى مستوى المسرح كانت له ألحان، وعلى مستوى السينما والشعر، فهو فنان متعدد المواهب وحتى في مجال الموسيقى، فهو لم يكتف بالالحان فكان موزعا ومطربا يشار له بالبنان".

واضاف المشعل "كان كاظم الساهر يطلق عليه اسم " التعويذة" لأنه إذا ما اعطى لمطرب لحن فهو "ينجم " بعالم الغناء، وصدقت هذه النبوءة عندما طلب كاظم الساهر من الخفاف لحنا  فكانت اغنية "شجاها الناس" في مسلسل نادية، وكانت هذه انطلاقته الحقيقية، ولعل أبرز تجربة له هي بصمته الكبيرة على الراحل رياض احمد، وكذلك بصمته على رضا الخياط، فلولا الخفاف لما كان هناك فنان بقيمة ونجومية الخياط".

للخفاف كما يبيّن المشعل "اذن موسيقية مهمة، ولا يضاهيه عربيا بذلك سوى محمد عبد الوهاب، الذي يلتقط كل ما هو غريب وجديد وبليغ حمدي وعراقيا طالب القره غولي، وهو من الأوائل، الذين أدخلوا الفرح إلى الاغنية العراقية، التي هي غالبا ما تكون ثقيلة وحزينة، فقدم "نحب لو ما نحب، ودار الزمان وداره، وبين العصر والمغرب، وحتى على صعيد الأغنية الوطنية كان مختلفا، فقدم أغاني بقيت راسخة في الذائقة العراقية مثل "الشمس شمسي وعراق من النور".

وكانت هناك العديد من المداخلات لشعراء وملحنين ومطربين تعاونوا مع الخفاف على الصعيدين العملي والشخصي، فتحدثوا عن هذه القامة اللحنية الكبيرة التي كانت، وما زالت لها بصمة في مجال الغناء العراقي، كما أطرب المحتفى به الحضور بالعديد من اغنياته القديمة والجديدة.

وضع جعفر الخفاف ألحاناً لكثير من المسرحيات، وله أعمال كثيرة قدمها للسينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة وأعمال في مجال الفرق الموسيقية والإنشادية، لحن مجموعة كبيرة من الأغاني لمعظم المطربات والمطربين العراقيين، كما لحّن أيضاً لمطربين عرب.