إفلاسٌ مفاجئ.. يسترعي الانتباه

آراء 2023/04/05
...

 محمد شريف أبو ميسم 


ما زالت الأحداث العالمية تتحرك مدفوعة بحرب العقوبات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وحلفائها من جانب وروسيا من جانب آخر، هذه الحرب التي تسببت بأزمة طاقة سحبت خلفها ارتفاعا في معدلات الأسعار، وبالتالي رفع نسبة الفائدة من قبل البنوك المركزية العالمية لمعالجة حالة التضخم، ولكن هذا الاجراء أفرز حالة من الركود التضخمي، أثرت في ايرادات بعض الشركات، ما زادت من سحب الودائع، التي ترتب عليها اعلان افلاس أكبر المصارف الأميركية.

إلا أن توظيف “حالة اللايقين”، التي بدأت تظهر بين المودعين في مصارف بعينها تستدعي الانتباه، اذ بدا واضحا توظيف مفهوم “الهلع المصرفي” بين جمهور المصارف للإضرار بمصالح دول بعينها، تبعا للمواقف والأحداث السياسية، بعد أن يقوم عدد كبير من المودعين بسحب ودائعهم في وقت واحد، وصولا إلى مرحلة تنفذ فيها الأموال النقدية تحت تأثير الدعاية، وبالتالي يتعرض المصرف لافلاس مفاجئ.

وبدا تطبيق هذه المفاهيم وسواها المتعلقة بأساليب الخداع والتدليس لدى المرابين في القرون الوسطى، واضحا مع بنك “كردي سويس السويسري”، ليتعرض للاستحواذ من قبل البنك المنافس له “يو بي اس” في ظل صمت لافت من قبل المساهمين العرب، الذين تحملوا الوزر الأكبر من خسائر هذا المصرف العملاق، في وقت ازدادت فيه الأقاويل بشأن فضائح فساد وغسيل لأموال قادمة من الشرق الأوسط، وكأن هذا الأمر جديد على هذا المصرف الذي عرف بهذه الميزات تحت مرآى ومسمع العالم منذ سنوات، ما يعني ضياع أموال الكثير من المودعين العرب المتهمين بالفساد في بلدانهم.

ما يؤكد أن مفاهيم (حالة اللايقين) و (الهلع المصرفي) ما زالت مستخدمة للاضرار بمصالح المودعين واستهداف مصارف بعينها أو دول ما، بفعل المواقف السياسية وسواها، على الرغم من ادخال التقانات في عموم مراحل العمل المصرفي في العالم، وتنفيذ التبادلات والتعاملات المالية بسرعة هائلة عبر اشتراك معظم البنوك في العالم بشبكة اتصالات مصرفية تقوم بتنفيذ مجموعة المعاملات البنكية الدولية على أكمل وجه. 

ومثلما خسرت إحدى الدول العربية نحو “ترليوني دولار” من مجموع استثماراتها في الولايات المتحدة وأوروبا بصمت ودون تعليق ابان الأزمة المالية العالمية عام 2008 التي بدئت بافلاس بنك “ليمان براذرز” بسبب ما قيل إنها أزمة رهون عقارية آنذاك، ليعاد توزيع الكتلة النقدية الدولارية جراء الاستياء في الأوساط الأميركية الناجم عن تراكم الأموال لدى الدول العربية بعد الارتفاع الكبير في أسعار النفط، تتعرض المحافظ الاستثمارية العربية اليوم إلى خسائر كبيرة بعد التقارب السعودي الايراني تحت المظلة الصينية، وكان أولها صفقة الاستحواذ السويسرية في ظل صمت عربي مطبق، اذ قدرت خسارة البنك الأهلي السعودي مثلا بنحو مليار و200 مليون دولار، الأمر الذي يسترعي الانتباه إلى ان من يقود النظام المصرفي العالمي قد استاء كثيرا من هذا التقارب، وقد تكون ثمة متغيرات وأحداث في الأفق بدعوى سلسلة الانهيارات المصرفية الناجمة عن الركود التضخمي.