علي الباوي
بعد أن تجاوزنا فرحة خليجي 25 صار واضحاً أنَّ المدرب الإسباني كاساس هو أملنا في النهضة الكروية ، فما لاحظناه عليه خلال الأشهر الماضية دل بعمق على أنَّ هذا الرجل يعمل بمنهجية عالية وحرفية وصرنا كلنا ننضح بأمل أنَّ الكرة العراقية تتطور وأنَّ القادم بكل تشعباته يعني أنَّ عصراً جديداً لكرتنا قد بدأ.

القضية في جوهرها ليست قضية مدرب أجنبي ومدرب محلي فالمنتخب كان بعهدة الكثير من الأجانب ومن جنسيات كبيرة مثل البرازيل وهولندا وسلوفينيا وغيرها وهؤلاء قدموا بنزاهة للمنتخب العراقي، لكن تجربة الإسباني كاساس كانت مختلفة ولافتة للنظر فهذا الرجل لديه خطة عامة للنهوض بمنتخبنا الكروي وأجمل ما فيه انه بدأ من الخيبات الكبرى فأي مدرب يراجع مباراتي العراق مع المكسيك والإكوادور الوديتين لن يجازف في العمل مع منتخبنا، لكن كاساس كان من الشجاعة والثقة بالنفس قبل المهمة واستطاع أن يعيد ترتيب اللاعبين والفوز بلقب خليجي 25 وبعدها تفرغ لمشواره الطويل مع الكرة العراقية وها نحن نراه يحقق إدارياً الإنجاز تلو الآخر بهمة عالية وبرؤية واضحة حتى انه بدل فينا اليأس بالأمل وجعلنا أكثر حماسة في متابعة أسود الرافدين.

كاساس يختلف كثيراً عن الجميع فقد جلب عائلته إلى بغداد والشيء نفسه حدث مع معاونيه وهذه سابقة لم يجرؤ أي مدرب على فعلها، بل 

إن أي مدرب أجنبي كان لا يجرؤ على فعل هذا ولا يبقى في بغداد أكثر من أيام معدودة وكله خوف من الوضع العراقي.

كاساس أراد أن يستقر في بغداد ويكون أشد قرباً من اللاعبين في كل الأندية سواء في الممتاز أو الدرجة الأولى أو بقية منتخبات الفئات العمرية، كما أن مخططاته للمحفل الآسيوي هي طموحة جداً ومرضية للجمهور، فلم يسبق لنا أن فكرنا بوديات مع فرق عالمية كبرى كاسبانيا وتشيلي وحتى روسيا ووجدنا هذا المدرب يتصرف بعراقية محترفة ويشعر بمسؤولية طاغية في مهامه الموكلة إليه، ولأول مرة في التاريخ يحب الشعب العراقي مدرباً أجنبياً كما أحب كاساس، ولم يسبق أن وثق الجمهور بخطوات مدرب كما حدث مع كاساس وهو يخطط إلى مطلع العام المقبل ويستعد للمواجهة الآسيوية.

العراقي كاساس يستحق منا المزيد من الدعم وأن نوليه أقصى درجات الثقة وأن نتركه يفعل ما يريد ونحقق له ما يتمنى، هذا الرجل المخلص سيكتب تاريخاً جديداً للكرة العراقية وسيكون علينا تقديره بالحجم الذي يستحق، فكاساس ليس مدرباً عابراً وانما معلم هبط علينا من كوكب بعيد وينوي تحقيق الانتصارات وجعل العراق موازياً لكل القامات العالمية.