سعادة الشعب العراقي وهرم ماسلو

آراء 2023/04/09
...

  عباس الصباغ


 في العشرين من آذار كان متوقعا أن يتذيل العراق القائمة في مؤشر السعادة العالمي السنوي، الذي يصدر في اليوم العالمي للسعادة، والذي توج فنلندا كأسعد شعب في العالم، بينما جاءت الامارات كأسعد شعب عربي.

ولم تكن مخرجات هذا التقرير (الدولي) غريبة عن المآلات العراقية، والتي أدت إلى هذه النتيجة المؤسفة، ولهذا الواقع عدة مقومات كانت ثورة تشرين المباركة افضل بارومتر لها، فحسب هرم عالم النفس الامريكي (ماسلو) للسعادة فإن الشعب العراقي عانى كثيرا في تأمين متطلباته.

الشعب العراقي ما أن نفض عن جسده غبار وشظايا ودموع ودخان أربعة عقود عجاف من ايام الديكتاتورية الشمولية، التي حكمت البلاد بالحديد والنار وملأت الارض بالمقابر الجماعية والسجون المخابراتية، فقد عاش العراقيون تلك الحقبة السوداء المريرة التي اكلت الاخضر واليابس واحالت الزرع والضرع إلى رماد، وقد دفع الشعب العراقي ثمن تلك الحقبة المعتمة باهظا من دماء أبنائه، ومن فرص التقدم والازدهار، كما دفع ثمن اخطاء التأسيسات الدولتية الفاشلة ـ ومنها التأسيس الدولتي الاخير 2003ـ وسلبيات وأخطاء الممارسات الحكومية غير الناضجة التي اتت بعده غاليا، بعد أن اطاح الاحتلال الامريكي بأهم مرتكزات ومراكز دولته، والذي زاد الطين بلة بعد "التغيير" النيساني المزلزل أن أُدخل الشعب العراقي قسرا في غياهب تجربة "ديمقراطية" اعتمدت التوافق والتشارك السيا/ طائفي (التمثيلي) كأسوأ تجربة "ديمقراطية"، وعلى الطريقة اللبنانية والذي ساهم في تفتيت وتشظية النسيج المجتمعي والسياسي إلى مكونات وتكوينات لم ينزل الله بها من سلطان، ومن خلالها تمَّ تأسيس جميع مرتكزات ومراكز الفساد التريلويني والاتيان بالشخص غير المناسب في المكان المناسب بموجب المحاصصة تحت شعار (غطيني واغطيك)، وعلى هذا الاساس لم يكن الشعب العراقي سعيدا طيلة تاريخه المنظور منذ تموز 1968 ولغاية الآن، وبحسب هرم عالم النفس الامريكي (ماسلو ) حول الحاجات الأساسية للشعب العراقي والذي بوّبها إلى خمس حاجات: أولا: الحاجات الفسيولوجية: وتعني حصول الانسان على الطعام والماء بما تؤمن بقاءه في الحياة، الثانية: الحاجة إلى الأمان: وتعني سعيه إلى تحقيق الأمن والطمأنينة له ولأفراد عائلته، الثالثة: الحاجات الاجتماعية: وتعني تكوين علاقات وصداقات مع الآخرين... الرابعة: الحاجة إلى التقدير.. وتعني شعور الفرد بقيمته وأهميته، الخامسة: الحاجة إلى تحقيق الذات: وتعني تحقيق الفرد لطموحاته العليا، واغلب هذه الحاجات لم تتوافر لدى الشعب العراقي فقد عانى الامرّين بعد التغيير النيساني وقبله، وبعد أن كان يعيش على قيد الحياة في زمن دولة الرعب السرية، أصبح يعيش على قيد الحرمان بسبب شظف العيش وتدني مستوى الخدمات والبني التحتية وسرقة المال العام، فضلا عن الفقر والبطالة والجريمة المنظمة . 

فلم يكن مستغربا ان يتذيل العراق ـ كالعادة ـ الكثير من دول العالم في مؤشر السعادة .