مبدعوها يطبعون على نفقتهم الخاصة

ثقافة 2019/04/17
...

استطلاع/ صلاح حسن السيلاوي 
 
 
 
يشهد العراق اهتماما واضحا بإقامة معارض كبيرة للكتاب، وسعياً متميزاً من قبل النخب الثقافية لإشاعة القراءة عبر تنظيم فعاليات جماهيرية تشجع على شراء الكتاب كـ ( أنا عراقي أنا أقرأ ) وما أقيم من أفعال مشابهة في محافظات ومدن عراقية متعددة .
الغريب في الامر ان كل هذا السعي لم يأت بمصلحة المؤلف العراقي فما زال البلد على مدى سنوات متوالية لا يملك دور نشر قادرة على دعم الكاتب  دعما كبيرا،  أما دور النشر المحلية الصغيرة فقد سعت بكل ما استطاعت من جهد للربح بل والاعتياش على جهد المبدع  فهي تستلم كلفة الطباعة والنشر منه ثم تبيع الكتاب من دون تحقيق ربح ولو صغير لمنجزه . وهي بهذه الطريقة تربح مرتين أو تربح مرة واحدة على الأقل ولا تهتم بالترويج للكتاب او توزيعه بعد أن ضمنت ربحها من المؤلف نفسه،  فالمؤسسات الثقافية لاتهتم كثيرا بهذا الموضوع  ولم تسع وزارة الثقافة لمعالجته بشكل جدي ولم تتمكن النخب الثقافية من إيجاد حل نهائي له . 
 
قروض لإنتاج الكتب 
الشاعر والمترجم رعد زامل يرى أن الكاتب في العراق وفي البلدان العربية الاخرى أصبح كالمريض الذي يعتاش على جسده الاطباء وباعة الادوية، وضرب زامل مثالا على ذلك بتجربته  في الترجمة بقوله: بقدر محاولاتي البسيطة ترجمت كتابين وركنتهما على الرف لسنوات مريرة من الصبر واخيرا وجدتني مضطرا للتنازل لدار النشر عن حقي كمترجم من اجل اصدارهما، هذا دون ان انتظر ريعا منهما ولم اجن سوى ضعف البصر .
وأضاف بقوله:  لا ارى هناك دور نشر رسمية تهتم بانتاج الكتاب وتسويقه بالشكل المطلوب، ولا ارى حلا يلوح في الافق، الكاتب هنا في متاهات كثيرة فهو يدور في دوائر لا تنتهي فعليه ان ينتج وان يسوق نتاجه، اما دار الشؤون الثقافية فهي اصلا لا تهتم بالكتب القيمة ولا تعيد طباعة الكتاب المهم وعندما تطبع فباعداد بسيطة لا تغطي المساحة المطلوبة، اعتقد ان على وزارة الثقافة ان تشكل لجانا لاستقطاب الكتب القيمة ومنح مبالغ او قروض  للمؤلفين مخصصة لغرض انتاج الكتب فقط.
 
 دور نشر حقيقية 
الشاعر رياض الغريب يشعر بالأسف الشديد لما يحدث من إهمال لمنتج الكاتب العراقي في بلد يصر فيه المبدع  على الاستمرار في رفد النتاج الثقافي بمنجزه الابداعي على الرغم من خسائره المادية بين هلالين على نفقته الخاصة ، وأكد الغريب ان المبدع العراقي يستقطع من قوت عياله ليكون فاعلا وحاضرا والسبب في ذلك عدم وجود دور نشر حقيقية وغياب الكتاب العراقي في المعارض الخارجية بسبب القانون الذي وضع الكتاب  في قفص. وأضاف: وقد استغل الكثير الاديب العراقي  لهذا نحتاج لدور نشر حقيقية تستطيع ان تسوق للكتاب والمنتج الابداعي  وبالنتيجة ، يمكن ان تحول الخسائر الى ربح ان كان على المستوى المادي او المعنوي..كذلك نؤكد ضرورة حضور عقلية الاعلان والتسويق في 
هذا المجال. 
 
بحث عن تغيير نوعي 
القاص أنمار رحمة الله قال: بلا شك أن عملية التقديم الثقافي عبر طباعة الكتب ودور النشر، قد مرت في العراق بعثرات ومفارز تفتيش عديدة، ولم تتحرر إلا بعد التغيير نوعا ما. لكن هذا التغيير لم يكن موجهاً صوب النوع بالطبع، بل ظلت هذه الدور ربحية ، يوجهها رأس المال نحو الكتب التي تلاقي رواجاً، إما عبر الفوز بجائزة فيتهافت القرّاء على شراء الكتاب الفائز، وإما بالكتب التي فيها كسر للتابوات والمواضيع الساخنة ، بغض النظر عن نوعية الكتاب وموضوعه ومدى القيمة الفنية التي يحملها، هنا نتوقف عند الكاتب الجاد، الذي يحمل على كتفه حقيبة تجريبه وتجربته في حقل الكتابة، لنقل الكاتب المجدد أو غير المجدد حتى، سيظل هذا الكاتب رهين الدفع للدار مقابل عدد من النسخ ، والباقي يضيع بين التوزيع السيئ والتجاهل. ولا توجد مؤسسة أو جهة معنية لها السيطرة على رأس المال هذا ، فهو رأس مال تجاري أهلي ، وله الحق في طباعة ما يحلو له ، على وفق اتفاق يفرضه  مزاجه.. ما الحل إذن ؟.. شخصياً 
لا أدري..!
 
كتب بلا مردود مالي 
الشاعر رياض المعموري اورفيوس قال: الإبداع العراقي بشكل عام عانى على مدى عقود من الإهمال والتسويف والمحاربة من قبل السلطات السياسية والاجتماعية والدينية .. وكل الأنظمة الشمولية التي مرت على حكم العراق حاربت وراقبت كل ابداع وكل ما يصدر من منشور او مطبوع او حتى اعلان بسيط ..
لهذا لم يصل الفن والأدب في العراق لمستوى الاحتراف بمعنى أن يعيش المبدع من نتاج ابداعه فاغلب الفنانين والأدباء لا ينتظرون مردودا ماديا من نتاجاتهم وهذا بالضرورة أثر في الطباعة والنشر والتوزيع .. عدا الجهد الذي لا ينسى لدار الشؤون الثقافية التابعة لوزارة الثقافة وكذلك دار المأمون للترجمة والذي رفد المكتبة العراقية بالعديد 
من الكتب المهمة..
الحل هو ما قام به اتحاد الأدباء المقر العام وتبعه اتحاد ادباء البصره في طباعة كتب الأعضاء وبنصف التكلفة وكذلك مشاركتهم في التوزيع له على بقية المحافظات والمشاركة في معرض بغداد للكتاب .
ونأمل ان تقوم بقية الفروع والنقابات والجمعيات بمتابعة نتاجات مبدعيها والعمل على نشرها والترويج لها وعدم الاعتماد على دور النشر الموجوده في شارع المتنبي التي تتعامل مع الإبداع على اساس ربح وخسارة .