قراءة في قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات الجديد

آراء 2023/04/10
...






 رافـــد الزيدي


 تعد الانتخابات الطريق الديمقراطي الوحيد للتداول السلمي للسلطة، فمن خلالها يعبّر الناخبون عن ارادتهم في اختيار من يمثلهم في ادارة شؤون البلاد، ولكي تكون نتائج الانتخابات حقيقية وتؤتي أهدافها بصورة صحيحة يجب أن يشترك فيها جميع فئات المجتمع كناخبين ومرشحين، وبدون استثناء ويجب أن تكون القوانين والانظمة التي تنظم الانتخابات عادلة، وتضمن حقوق جميع الأحزاب والقوى السياسية والمرشحين المستقلين، بعيدا عن الاستهداف المذهبي أو العرقي أو الحزبي والا لتعرضت هذه الانتخابات للطعون واتهمت بالتزوير.

 ومن خلال مواد وفقرات قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات، الذي صوت عليه مجلس النواب قبل يومين في اجواء غير مستقرة داخل قبة المجلس، حيث أثارت القوى السياسية المعترضة وبعض النواب المستقلين الصخب داخل المجلس، وحصلت مشادات كلامية وتدافع وتحولت قاعة المجلس إلى ثكنة عسكرية بعد استدعاء رئيس مجلس النواب العسكر، لإخراج النواب المعترضين خارج قاعة المجلس، وهنا لدينا عليه عدة ملاحظات نوجزها بما يلي:

1 - أولى الملاحظات هي اسم القانون، حيث تم تسميته بقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات، وهنا نود نبيّن أن يوجد قانون خاص بانتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 وقانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018، وكان على المشرع الإشارة بشكل واضح وجلي بإلغاء القانونين اعلاه في حال رغبته بدمجهم بقانون واحد، فضلاً عن استغرابنا لرفع كلمة (الاقضية) من القانون، حيث إن هذه المجالس لم تلغِ، كما ألغيت مجالس النواحي بقرار سابق لمجلس النواب عام 2019، علماً أن كلمة (الاقضية) ذكرت في المادة (4/ أولاً/ ج) من نفس القانون.

2 - إن نص المادة (6/أولا/ ب) من القانون لم يراعِ قرار المحكمة الاتحادية رقم (43/ اتحادية/ 2021)، الذي نص على ان المقاعد المخصصة للأقليات تكون ضمن دائرة انتخابية واحدة، حيث وزعت تسعة مقاعد مخصصة للأقليات في محافظات بغداد ونينوى ودهوك واربيل وكركوك وواسط، وهو مخالف لقرار المحكمة الاتحادية اعلاه، حيث تم توزيع المقاعد بين عدة محافظات، وبالتالي فإن المقعد المخصص للأقليات سيكون في دوائر انتخابية متعددة وليس كما نص قرار المحكمة.

3 - اشترطت المادة (6/ رابعاً) من القانون أن يكون المرشح لعضوية مجلس النواب من أبناء المحافظة أو مقيماً فيها، وهنا نود أن نوضح أن النائب، هو يمثل كل أبناء الشعب العراقي، وليس أبناء محافظته فقط، لذا نعتقد أن يسمح للمرشح بالترشح في أي دائرة انتخابية في عموم العراق. 

4 - بينت المادة (7) على ان يكون العد والفرز الكترونيا، من خلال اجهزة تسريع النتائج وهي ذاتها الاجهزة التي استخدمت في الانتخابات الأخيرة، إضافة إلى العد والفرز اليدوي في جميع مراكز ومحطات الاقتراع، ويكون الترجيح للعد اليدوي في حال حصول اختلاف مع الفرز الالكتروني بنسبة اقل من 5%، وقد ألزمت المادة ذاتها أن تتعاقد المفوضية مع شركة رصينة، لفحص البرمجيات المستخدمة في برامج الاقتراع التي تستخدمها المفوضية، كما ألزمت المادة المفوضية باستخدام كاميرات المراقبة في جميع محطات الاقتراع، وهنا نبدي استغرابنا من هذه الفقرة، حيث لا نرى وجوب لها ما دام أن الترجيح للعد والفرز اليدوي، وبالتالي فإن مسألة التعاقد مع شركة عالمية رصينة متخصصة ببرمجيات الانتخابات يكلف موازنة الدولة مبالغ مالية كثيرة، وبالتالي تهمل جميع هذه البرامج بمجرد وجود اختلاف بين الفرز الإلكتروني واليدوي، والذي من الممكن أن يحصل في كثير من المحطات، بسبب تلاعب موظفي الاقتراع والذين هم بطبيعة الحال ليسوا من موظفي المفوضية، حيث تتعاقد المفوضية مع اكثر من (300000) ثلاثمئة الف موظف للعمل في يوم الاقتراع، فضلا عن أن اغلب دول العالم، اتجهت إلى استخدام التكنولوجيا والتقنيات الالكترونية في الانتخابات، كما أنه يجب أن يكون الاختلاف بنسبة اكثر من 5 % وليس اقل منها كما ذكر في المادة (7/ اولا/ ب) وفي حال وجود اختلاف اقل من 5 % يمكن أن تعتمد نتيجة الفرز الالكتروني بعد اجراء التحقيق فيها، كما أننا نعتقد بعدم امكانية المفوضية لنصب كاميرات مراقبة في جميع محطات الاقتراع، حيث تبلغ عددها أكثر من (10000) عشرة آلاف محطة اقتراع.

5 -اشارت المادة (11) من القانون على قيام الحكومة بتوفير الحماية لمقرات الاحزاب السياسية المصادق عليها من قبل دائرة الاحزاب في المفوضية، ونعتقد أن لا داعي لهذه المادة في القانون، كونها يجب أن توضح في قانون الاحزاب والتنظيمات السياسية رقم (36) لسنة 2015. 

6 - في المادة (4/ أولا) تم تحديد موعد الانتخابات المحلية في موعد إقصاه 20 من شهر كانون الاول من هذا العام، ونعتقد أن هذا الموعد كافٍ للمفوضية للتحضير لإجراء الانتخابات على الرغم وجود اجراءات قانونية وفنية جديدة انتجها القانون يتحتم على المفوضية القيام بها قبل فترة طويلة، بشرط توفير الموازنة الانتخابية التي تحتاجها المفوضية والتي تقدر بأكثر من 300 مليار دينار عراقي.

7 - المادة (5) قد بينت أن عمر المرشح هو (30) سنة بينما أن نص القانون السابق قد بيّن أن عمر المرشح هو (28)، ونحن نعتقد أن المشرّع فعل خيراً عندما رفع عمر المرشح إلى (30) عاما لما يلقي على عاتق عضو مجلس النواب من إعباء ومسؤوليات، يتطلب أن يكون ذا حنكة وحكمة، فضلا عن أن ما ينطبق على النائب هو ذاته من ينطبق على الوزير.

 وعليه نرى أن من الأفضل أن يتم حل هذه الملاحظات قبل المصادقة على القانون من قبل رئاسة الجمهورية، ونشره في الجريدة الرسمية وبالتالي سيتم الطعن فيه امام المحكمة الاتحادية العليا، والذي ممكن أن يؤخر إجراؤها في الموعد المحدد.