زهير كاظم عبود
من بين أهم المقاصد التي قامت عليها المنظمة الدولية ماورد في مواد الميثاق الدولي للأمم المتحدة في الفقرة الأولى من المادة الأولى، التي تنص على حفظ السلم والامن الدولي، وأن تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع اعمال العدوان وغيرها من وجوه الاخلال بالسلم، وتتذرع بالوسائل السلمية، وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي تؤدي إلى الاخلال بالسلم أو لتسويتها.
ومن بين اهم ما يتطلبه الميثاق أن المنظمة الدولية معنية بجميع الأحوال التي تعرض السلام والأمن الدولي للخطر، وأن تكون الوسائل والسبل المعتمدة سريعة وفعالة، وهذه المقاصد المهمة في حياة الدول والبشر، تتطلب مواقف حيادية وصادقة لإيقاف النزيف المستمر والضحايا بين الدول المتحاربة، ولا يمكن أن يتوقف القتال والتهديد المستمر للسلام العالمي بالمواقف الإعلامية أو بالاستنكار وبالحث والنصائح والدعوات التي يطلقها المسؤول الدولي.
الاشكال والأسباب التي تعيق مثل هذه المواقف تكمن في الهيمنة الامريكية على الموقف الدولي في المنظمة الدولية، وأمام ما تعلنه الولايات المتحدة من دعم وحث ودفع أوكرانيا لاستمرار القتال تعتبر شريكا فعالا في استمرار الحرب الدائرة خارج بلادها.
إن كلا من روسيا وأوكرانيا هما عضوان فاعلان من أعضاء الأمم المتحدة، ويفترض عليهما الالتزام بالميثاق ونصوص القانون الدولي، وأن تضع قيادة البلدين مصلحة ومستقبل شعوبهم قبل أي موقف أو مصلحة أخرى، الخسائر البشرية والمادية التي يفقدها كل طرف هي جزء مهم من التأثير المستقبلي على الحياة فيهما، وأن هذه الخسائر المادية في البنى التحتية بالإضافة إلى خسائر السلاح والانفاق العسكري الهائل وتوقف عجلة الحياة ليس لها أي معنى، وستنعكس حتما على مجريات الحياة والمواطنين التواقين للحياة الامنة والسلام بديلا عن الخروق والتجاوزات التي تصدر عن كلا المتحاربين، وعلى المنظمة الدولية ان تنظر للنزاع القائم والحرب العسكرية الجارية بمنظار حيادي، وأن تأخذ على عاتقها أن تكون وسيطا لإيقاف القتال أولا ومن ثم اللجوء إلى التفاوض والحوار، بدلا من أن توجه الاتهامات إلى طرف دون غيره قبل ان تتعمق في التحقيقات الدولية، وقبل أن تتشكل لجان وهيئات مشتركة للبحث عن السبل والطرق، التي تدعم عمل المنظمة الدولية وتحقق مقاصدها.
ومنذ بداية قيام الحرب والقتال بين البلدين ظهر التأثير الاقتصادي علي العديد من بلدان العالم، ومع الرغبة التي يتمناها محبي السلام العالمي في ان يسكت صوت الصواريخ والمدافع والبنادق ويرتفع صوت الحوار الا ان التأثير المذكور بدا يكبر ويتوسع مع استمرار هذه الحرب، وما يحزن النفس أن التأثير انعكس على البلدان النامية والضعيفة اقتصاديا ليزيد معاناة البشر فوق معاناتهم المتعددة.
إن مجلس الامن الدولي مدعو لاتخاذ موقف حيادي ومنصف وإنساني لإيقاف نزيف الدم، بدلا من الانقسام والتخندق مع الأطراف المتحاربة، وان تكون مبادئ القانون الدولي والنصوص التي تدعم عملية السلام هي القواعد، التي ترسم منهج الحوار والمفاوضات الجادة والالتزام بالمقاصد التي تسعى لها المنظمة الدولية، حيث أن الحوار المتقطع والبعيد عن الجدية بين ممثلي الحكومتين لم يثمر أو يوصل إلى نتائج تسهم في إيقاف القتال أو اعلان الهدنة أو إعادة قراءة أسباب الخلاف والنتائج التي توصلوا اليها، وجميع المنظمات الدولية المعنية بالسلام العالمي وبحقوق الانسان مدعوة لان يرتفع صوتها وأن تسهم بشكل فعال في ان تتوقف هذه الحرب، وان تتوقف أيضا دعوات بعض الأطراف، التي تحث وتساعد وتدعم استمرار هذه الحرب الطاحنة.
الأمين العام للأمم المتحدة مدعو لأن يأخذ على عاتقه عملية إحلال السلام، وأن يكون هاجسه الأساسي ان يوفق لإيجاد سبل وطرف من شانها ان تحقن الدماء التي تسيل يوميا والبنى التحتية التي تتهدم وتسحق يوميا، وأن يضع كل امكانياته وخبرته الدولية في إحلال السلام بين البلدين، بعيدا عن مواقف الدول في مجلس الامن وعن حق النقض الذي يعرقل عملية السلام، لأننا ندرك أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة للدول، في حين أن جهودا إنسانية ومواقف شفافة وحيادية يمكن ان تحقق نتائج إيجابية، ما يجعل الحاجة ملحة لمبادرة إنسانية ينتظرها الناس في إيقاف الحرب وترميم مخلفاتها، دون أن نغبن دور المنظمات الدولية في الدعم الإنساني لكلا الشعبين، ومايزيد سعير النار تلك التقارير الإعلامية البعيدة عن الحقيقة وغير الحيادية التي تطلقها جهات إعلامية بقصد استمرار القتال أو توجيه الاتهامات لطرف دون الاخر.