السفراء الأجانب.. صلاحيات وحدود

آراء 2023/04/13
...

 د. علي كريم خضير


 تُشير الوثائق التأريخية للعراق الحديث عن المراحل الأخيرة للحكم العثماني فيه، وتحديداً في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين إلى نشاط السفير البريطاني الواسع في ظل ضعف وتدهور الحكم العثماني آنذاك، حتَّى بات التصوِّر المشهور لدى ذهنية العراقي بأن السفير البريطاني هو صاحب النفوذ والسيطرة وليس الحاكم العثماني، بعد أن وصل الأمر بالأخير للاستعانة بالسفير البريطاني لتمويل خزانة الحكومة في مقابل حريتهم التجارية والاقتصادية في البلاد. إذ كان عبث الحكَّام العثمانيين وهدر الأموال بسبب رغباتهم الشخصية، من وراء هذهِ التبعية التي أدَّت في ما بعد إلى هزيمتهم أمام الجيش البريطاني عام 1917 ، واحتلاله 

العراق.  وليست الإشارة إلى هذه المعطيات هي من قبيل أن تعود الذاكرة إلى مرحلة تأريخية بعينها، ولكن من أجل أن نستخلص الدروس والعبر التي وقع فيها غيرُنا، وكيف انتهت بهم النتائج إلى ما لايُحمد عُقباه؛ لأنَّ إرادة الغرب دائماً ما تسعى إلى مصالح شعوبها مهما دفعت الشعوب الأخرى من ثمن.

 ولا شكَّ أنَّ العلاقة التي تحكمنا مع الغرب، ولا سيَّما الولايات المتحدة الأمريكية بخاصةٍ، هي علاقة شراكة ضمن معاهدة استراتيجية وُقِّعت عام 2011م، وجرتْ مراجعتها في الوقت القريب، وبنود هذهِ المعاهدة ينبغي أن ترى النور، كي نقول: إنَّ الأخيرة قد أخلصت معنا العهد، وسعت إلى تطبيقه من أجل مصلحة الشعبين العراقي والأمريكي، على حدٍّ سواء. بيد أنَّ المناورات المفتعلة، والمصافحة من تحت الطاولة، وضبابية المواقف أمرٌ يدعو إلى مراعاة الإنتباه والحذر من قبل الحكومة العراقية وأصحاب القرار المسؤول فيه. ومن بين أبرز هذهِ المخاوف، التي ترتسم على المشهد السياسي العراقي اليوم هو تحركات السفيرة الأمريكية في العراق ولقاءتها المستمرة مع شرائح مختلفة من الطِّيف العراقي، وحقيقة هل أنَّ هذه اللقاءات تُجرى بترخيصٍ دبلوماسي من الحكومة العراقية، أم أنَّها تمضي على عواهنها؟، وإذا كانت الإجابة في الشق الأول من السؤال فمرحى، ولا بأس في 

ذلك. 

أمَّا إذا كان المعطى الحقيقي هو الثاني، فحكومة السوداني مسؤولةٌ بأن تضع الحدود اللازمة لصلاحيات السفراء الأجانب في العراق. بعد أن برهنت على جدِّيتها في مكافحة الفساد، وملفات خطرة أُخرى تغاضت عنها جميع الحكومات السابقة.