ثياب الامبراطور

آراء 2023/04/13
...

 نرمين المفتي 

اشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في برنامج (المقابلة) على (الجزيرة) إلى التحديات التي تواجه الحكومة، وفي مقدمتها الفساد التي يعتبرها قضية مفصلية ومعركة حقيقية.

السوداني يعرف جيدا أن قضية الفساد كانت التحدي الحقيقي للحكومات السابقة والحالية وتستمر للحكومة أو الحكومات القادمة ايضا. إن من يريد مواجهة الفساد بصدق وقوة يعرف بانه اي الفساد اصبح منظومة لديها اذرع سياسية واعلامية قادرة على اسقاطه وتقسيطه، ما لم تواكب هذه المواجهة تغييرات سياسية حقيقية وملموسة. 

ولنتذكر أن السوداني وفي تصريحات سابقة اكد بانه وفريقه سيواصل طريق طريق الإصلاحِ الإقتصادي ومحاربةِ جائحةِ الفساد التي تمثل «التحدي الراهنَ الأكثر خطورة». واشار إلى خطوات لمواجهة هذه الجائحة وهي العمل «ومن دون تردد» على ضبطِ المنافذِ الحدوديةِ واقتلاع ظاهرة تهريب العملة والتحرك لتحقيق أهداف الحكومة بتنميةِ الصناعة والزراعة ورفع المستوى المعيشي للفرد العراقي. 

وقطعا هي خطوات ليست يسيرة التنفيذ وتؤثر ليس في الاداء الحكومي فقط، انما على الشارع، لكنه بدأها فعلا، واشير إلى تهريب العملة، فهذه الخطوة التي اثرت على المواطن وقوت يومه، لكنها العلاج الاخير وهي الكي، مؤلمة وموجعة وناجعة في الوقت نفسه. 

في مؤشر الفساد العالمي لسنة 2022، استمر العراق (محافظا) على موقعه بالتسلسل 157 حائزا على 23 درجة من 100! 

لا توجد وصفة سحرية للإصلاح، لكن اصبح جليا ان المحاصصة كانت ولا تزال تشكل الاساس (المتين) للفساد ليس المالي فقط انما الاداري والسياسي، وبينما يؤكد الجميع ان هذه السياسية غير دستورية، لكنها مستمرة والغائها مواجهة فعلية مع منظومة الفساد التي ستحاول المحافظة على (امتيازاتها) والاصرار على المحاصصة، اي وضع العصا علنا في عجلة

 الاصلاح. 

إن مواجهة الفساد تتطلب الالتفات وبشدة إلى القطاع الخاص في الصناعة والزراعة، ليس فقط للمحافظة على العملة الصعبة من خلال تقليل الاستيراد، انما لتقليل نسبة الاموال التي تخصص كرواتب في الموازنة العامة، والتي تشكل اكثر من نصفها وهذه كارثة لا بد من الانتباه اليها، ويبدو أنهم منتبهون، كما نفهم من التصريحات، لكنها، اي خطوة التعيين، جاءت للسيطرة على الشارع! بكلمات اخرى انها خطوة لصالح الكتل 

السياسية.. 

ولمحاربة الفساد، لا بد أن تحاول الحكومة على اعادة ثقة المواطن باجراءاتها من خلال وضوح سياستها، الداخلية خاصة، فهذه الثقة ستعينها كثيرا في مواجهة الفساد ومحاربته، والثقة تكون من خلال شفافية الاداء، شفافية حقيقية وليست كما في قصة اندرسن المشهورة (ثياب الامبراطور الجديدة)، الذي سار عاريا امام مواطنيه متباهيا بثوبه الجديد وهو الذي المغرم بالثياب الجديدة وان كلفته خزينة مملكته وعدم الانتباه إلى قضاياها، ولم يكن الثوب شفافا كما اقنعوه انما سار عاريا كما صرخ طفل صغير كان من بين الذين ارغموا على التجمع لمشاهدة الثوب 

الجديد. 

لا بد من شفافية حقيقية كي لا تتفاجأ الحكومة من صراخ طفل، مثلا شفافية في شرح أسباب تأخر الموازنة والربع الاول من السنة قد انتهت، ولا بد من وضع المواطن امام حقيقة التفاهم مع الاقليم، فهناك الكثير من القيل والقال، يصفها البعض بالتسريبات، تؤثر بشكل أو بآخر في زعزعة هذه الثقة التي بالكاد بدأت تتشكل..