حسين علي الحمداني
تثار بين الحين والآخر قضية المدارس الأهلية، التي بدأت تزداد في العراق بشكل ملحوظ، وهي مسألة طبيعية في ظل تراجع ما تقدمه المدارس الحكومية من خدمات تعليمية للتلاميذ والطلبة، سواء على مستوى وقت الدوام أو توفر المناهج المدرسية، وكذلك توفر الاختصاصات، حيث نجد الكثير من المدارس الحكومية، تعاني من عدم وجود مدرسي الفيزياء والكيمياء والأحياء والإنكليزي، بينما لا نجد هذه الحالة موجودة في المدارس الأهلية، التي تجتذب هذه الاختصاصات وغيرها، وتوفر المنهج المدرسي لطلبتها الذين يرتدون الزي الموحد بخلاف مدارس التعليم العام التي تفتقد لهذا، الجانب الآخر إن دوام المدارس الأهلية أطول لأنها دوام إحادي لا شريك لها في بنايتها الخاصة بها، عكس مدارس الحكومة المكتظة ليس بالطلبة فقط، بل بقطع المدارس التي تداوم فيها سواء ثنائية أو ثلاثية والبعض رباعية
الدوام.
والمدارس الأهلية لا تجبر ولي أمر تسجيل أبنائه فيها، فهي كما يعرف الجميع (قطاع خاص) يخضع لضوابط وتعليمات وزارة التربية، وتخضع لمتابعة الإشراف التربوي بشكل مستمر، الذي يشخص مواطن الخلل إن وجدت شأنها في ذلك شأن المدارس الحكومية.
وهذا الأمر ينطبق هو الآخر على معاهد التقوية أو ما تسمى(الدروس الخصوصية)، والشكوى أو التذمر يطالها باستمرار من ارتفاع الأسعار من جانب، ومن جانب آخر إن المدرسين هم من ضمن ملاكات مدارس التعليم الحكومي، والبعض يتصور إن هنالك تقصيرا منهم في أداء مهامهم في مدارسهم الحكومية، لهذا(يجبر الطالب)على الدخول في دورات
خصوصية.
المسألة ليست بهذا التصور، فالجميع يعرف أن أيام الدوام الرسمي في مدارسنا لا يتعدى 100 يوم في العام الدراسي، وبالتالي إن إكمال المناهج الدراسية للمراحل المنتهية (الامتحان الوزاري) يكاد يكون من المستحيلات أمام أي مدرس في ظل إن وقت الدرس يتراوح من 35 - 45 دقيقة حسب نوعية الدوام، سواء أحاديا أو ثنائيا أو ثلاثيا، والنوع الأخير من الدوام يكون هنالك تقليص لعدد الحصص.
ولو سألنا جميع الطلبة الذين نالوا معدلات عالية في الامتحان الوزاري، سنجد أنهم حصلوا على ذلك بسبب (الدروس الخصوصية)، وهذا يؤشر بالتأكيد لضعف مستوى التعليم في المدارس الحكومية، لأسباب خارجة عن إرادة المدرس وإدارة
المدرسة.
من هنا علينا أن نطرح رأيا يتمثل بأن تتخذ وزارة التربية تجربة لمدرسة ثانوية في كل محافظة، تجعل دوامها أحاديا وتوفر لها الاختصاصات المطلوبة، سنجد النتائج تختلف وربما لا نجد طالبا من طلابها يلجأ للدروس الخصوصية، بحكم ما تقدمه هذه المدرسة من جودة في التعليم وكفاءة وقدرة على التطور، وهذا ما يجعلنا نقول إن الخلل ليس في المدارس الأهلية أو معاهد التدريس الخصوصي، بل في مدارسنا المكتظة جدا.