تجميل وجه الدكتاتوريَّة

آراء 2023/04/25
...

 كاظم الحسن 

نشرت إحدى الصحف العربية، في ذكرى سقوط الصنم، عن شخص عسكري متقاعد، يعلن نفسه أنه يرتبط بعلاقة «مودة وعمل»، مع الطاغية الذي لم يسلم من شرّه أحد في العراق، وحسب ما يقول أو يدّعي، أنه ضمن الخمسة المقربين من الصنم، أيام ماقبل السقوط، ويريد أن يعطي انطباعا عن الطاغية على أنه، كان زعيم المقاومة وكان يحمل قاذفة وأنه حاول أن يفتدي العرا ق، في مقتله وغيرها من الحكايات الساذجة، التي لا تنطلي على أحد

 فالراوي مجهول، ويخشى على حياته وفي الوقت نفسه، أنه من الخمسة المبشرة، بما يسمى المقاومة ونعلم جيدا، كيف اقتاده الجنود، الاميركان من الحفرة التي كان يقبع فيها، دون أدنى مقاومة ونقل ذلك بالصوت والصورة امام الملأ، وبشكل مذل ومهين، وهو الذي كان يجمل صورته أمام الكامرات، لكن الصورة الاخيرة والحقيقية، هي التي طغت وانتشرت كالنار في الهشيم. من المعروف أن ما يسمى بالحنين إلى الماضي «نوستالوجيا»، هي يمكن وصفها بالذاكرة التي تقوم بالحذف والتعديل والتجميل، لمن تحب والعكس صحيح. احدهم يقول» من الحرية ان تكره الشخص ولكن ليس من حقك ان تشوه سمعته «. هناك الكثير من السلوكيات البشرية الغامضة وتوجد نظريات نفسية لتفسير ذلك ومنها متلازمة ستوكهولم «وهي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء له بشكل من الأشكال أو يظهر بعض علامات الولاء له وظهرت أو اشتهرت في العام 1973، حيث تظهر فيها الرهينة أو الأسير التعاطف والانسجام والمشاعر الايجابية تجاه الخاطف تصل لدرجة الدفاع عنه والتضامن معه. هذه المشاعر تعتبر غير عقلانية ومنطقية، إذ إن الضحية تفهم بشكل خاطئ عدم الاساءة من قبل المعتدي إحسانا ورحمة». يقول ميكافيللي: على الحاكم إذا أراد البقاء في السلطة أن يختار بين حب المواطن أو خوفه ورهبته منه، والاخيرة لها الأرجحية. وعليه يمكن تفهم سر الحنين للقوة الغاشمة، وقد يكون حنين بوتين إلى الاتحاد السوفيتي هو ايضا العودة إلى المجد السابق، بغض النظر عن تقلب الأزمان، وكذلك يحدث الامر، في بعض الدول الاسلامية، التي تريد العودة إلى الخلافة. يبدو أن ذلك جزء من الطبيعة البشرية، التي ترنو أحلامها إلى الماضي الجميل، وهو يدغدع مشاعرها الغارقة في الحزن، على اطلال الماضي الذي لن يعود وحين يصيب البعض اليأس، يجلد الحاضر ومن معه، حتى نفسه لأنه يحملها أكثر من طاقتها، على احتمال ما لا يحتمل، وهكذا كانت أحلام الطاغية في العراق، حين أطلق تسميته على حربه مع ايران «القادسية»، وتسمية عدوه بالفرس المجوس، كأنه يريد استعادة لحظة عز ومجد غابر، ذهب مع ريح التاريخ ولن يعود أبدا مهما، استرحمت دقات قلب التاريخ أو أشواقنا له.