عمر الناصر
لو نظرنا إلى الرقم +999 ربما سيأخذنا تفكيرنا الخصب الممتلئ بالنوايا السوداء والمفعم بسوء الظن إلى تذكر الرقم +18، بسبب تخمة ما ظهر لنا وتم الترويج له من قبل صنّاع المحتوى التافه والهابط، الذي ادى إلى تدهور النسيج المجتمعي وزاد من الانحدار الاخلاقي، نتيجة كثرة البدع الالكترونية التي ما انزل الله عليها من سلطان، والتي ليس فيها هدف ولا مضمون ولا فحوى ناضج، حتى اصبحت ذاكرة هواتفنا لاتتحمل الترهات رغم انها اكثر من تعمل بسياسة الاستيعاب والاحتواء، وتتحمل كثر ما ينشر من محتويات بسبب كثرة الكروبات والمنتديات، التي كان من المفترض أن تشخص الأخطاء وتطرح الحلول وتعالج الخلل والهفوات وترأب التصدع الموجود في القشرة الداخلية لأنسجة المحتويات الهادفة، حتى اضطررنا لمسح برامج مهمة
في بعض الأحيان، نزولاً لطلبات الاضافة اليومية، حتى وجد البعض نفسه أدمن أو مشرفا، وبكلتا الحالتين لا اعرف مدى اهمية الافراط بكل هذه المجموعات، التي بدأت تنشطر بصورة مستمرة نتيجة اختلاف بعض اعضاء اداراتها، على غرار اختلاف وانشطار الاحزاب والقوى السياسية، كلها تحمل عناوين براقة ومختلفة
وجميعها تستهدف استقطاب واختيار النخب، التي تؤثر في صناعة الرأي العام وجودة القرار السياسي أو لغرض ان تكون بمثابة مجموعات ضغط تحاول تقويم العمل التشريعي والرقابي والتنفيذي كما تفعل منظمات الNGOs
في دول العالم المتحضر، لكن بواقع الحال وبسبب التوجهات السياسية والأيديولوجية المختلفة، أصبح الكثير منها عبارة عن منابر للتنابز والمماحكات والمناكفات السياسية والطائفية، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، على اثرها
تجاوزت أعداد الرسائل غير المقروءة إلى +999، وبدأنا نفقد الشهية والقدرة على قراءتها والتمعن في حيثياتها وتفاصيلها، لنلجأ بالكثير إلى الأحيان لأخذ خيار كتم اصواتها، لنكتشف
بأنها رقم يتزايد دون فائدة، بل اصبحت صعوبة وضيق بالوقت وغالباً لا نمتلك القدرة على قراءة حتى المواضيع الهادفة والمهمة أو رؤية الحوارات ذات الجودة العالية أو الحصول على المعلومة المهمة والدقيقة، التي تسهم في دعم مشروع بناء الدولة وبسط سلطة القانون، والتي من المفروض تساعد الحكومة على طرح الحلول والمقترحات النوعية بعيدة جداً عن التسقيط السياسي والشخصي الذي يهدد الامن والسلم المجتمعي ويزعزع من اسس ودعائم الحكم الرشيد بشكل كامل.