عباس الصباغ
المتابع لوسائل الاعلام يجد لغطا واضطرابا كبيرين في ما يخص العُطل الرسمية وغيرها. ومنهم من يرى الموضوع ليس ذا اهمية، كلا فهو يهم جميع العراقيين على جميع مشاربهم الايديولوجية وانتمائهم الاثني والقومي والانثروبولوجي، فالعراق زاخر بالتلاوين الاثنية والدينية والمذهبية والقومية.
مثلا ولعهد قريب هو يوم 9/ نيسان يوم زوال كابوس الديكتاتورية والمفروض أن يكون يوما وطنيا عاما يحتفل به العراقيون جميعهم، فاغلب المحافظات اعلنت التعطيل عدا القليل منها ـ حسب مزاج المسؤولين، اذ منح القانون العراقي حكومات المحافظات المحلية الحق في إعلان يوم عطلة لسكان المحافظة دون غيرها حسب ما تقتضي الحاجة، لا سيما في المناسبات الدينية ـ فهكذا مناسبة وطنية تخص جميع الشعب العراقي لم يتوحد اصحاب القرار بشأنها مايعطي انطباعا عاما على عدم توفر الحد الادنى من الانسجام الوطني امام الرأي العام العالمي والاقليمي، فليس المطلوب هو التعامل بالقسْر والاكراه، فهذا زمن قد ولّى فالدستور العراقي الدائم قد كفل حرية التعبير، والمؤسف ان يكون التعامل مع هذا الملف وفق جدلية تحرير/ سقوط/ احتلال، وهو جدل بيزنطي عقيم يساهم في تفتيت الالفة واللُحمة الوطنية.
العُطل تبتلع ثلث أيام السنة (حوالي 150 يوما تقريبا)، لذا يبلغ مجموع أيام “العمل” السنوية 225 يوماً، ولكل ديانة أو طائفة أو قومية أو ظرف طبيعي طارئ،عطلته الخاصة به، بل وزمنكانيا بعض المحافظات لها عطلها الخاصة كالمدن المقدسة والتي تشهد مناسبات مليونية، وللظروف الجوية أيضا لها عطلها، فعند عبور الحرارة في بعض أيام الصيف القائظ عتبة الخمسين يتطلب من رئيس الحكومة أن يطلق “إنذارا”، أو من غرق الكثير من المدن والشوارع عند أول “زخة” مطر، بسبب تهالك البنى التحتية كما عودتنا حكومات المحاصصة المقيتة، وقد تتسبب العُطل في تعطيل الأعمال والإنتاج في الدولة، وتؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي وتراجع الدخل القومي، و تزيد من معدلات البطالة والفقر، واجمالي الخسائر المالية من العُطل الرسمية وغيرها عدا الجمعة والسبت يبلغ 8.448 تريليون دينار.
وسبب الاضطراب هو التضارب في اعلان العُطل، فنجد ثمة عطلة لسبب ما في بعض المحافظات قد لا تكون في غيرها عطلة ولذات السبب، وفي كثير من الاحيان يتأخر اعلان العُطلة لساعة متأخرة من الليل ما يجعل الموظفين والطلاب (خاصة تلاميذ الابتدائية والروضات)، في حَيرة من امرهم وقد يذهبون إلى مقرات عملهم أو دراستهم، يجدونها مقفلة أو بالعكس قد يفوتهم الدوام كونهم لم يبلغوا بالتعطيل، وهكذا ما يسبب ارباكا في تسيير الجهاز الإداري والمسيرة التعليمية للبلد
لذا يجب أن يقوم البرلمان بإقرار قانون للعُطل فيه قائمة بأسمائها تفرض بشكل مركزي بها وبدواعيها لا أن تترك لمن هبّ ودبّ وحسب المزاج.