محاولة للخروج من حالة التشظي

آراء 2023/05/03
...

  وجدان عبدالعزيز

 المشرق العربي هو مصطلح جغرافي يُطلق على جزء من منطقة الشرق الأوسط، الذي يمتد من البحر الأبيض المتوسط غربا، حتى الهضبة الإيرانية شرقا، يعني العراق وبلاد الشام ودول شبه الجزيرة العربية ومصر، كون مصر تتخذ مكانا متوسطا جغرافيا ما بين المشرق والمغرب العربيين، كذلك في مجالات عديدة منها الثقافة والفنون والعمارة، إلا أنها تعتبر اقرب إلى المشرق بسبب الروابط التاريخية والجغرافية بينها وبين بلاد الشام منذ عهد الفراعنة، حيث كانت تعتبر منطقة متحدة الحكم معظم تلك الفترة

 ولا شك أن التقارب الثلاثي بين العراق والاردن ومصر، ليس فيه خاسر لا من الدول الثلاث، ولا من الدول الاقليمية المحيطة، أو البعيدة، انما التقارب يهدف إلى تقوية مصالح الدول الثلاث في التقارب، ونحن من خلال المراقبة، نجد أن كل المؤتمرات التي تعقد الآن هدفها مصلحة اقتصادية بالدرجة الاساس، وهي نقطة مضيئة في العلاقات الدولية الان، ونحن نؤكد ان هناك علاقات حضارية وتاريخية بين العراق والاردن ومصر، ناهيك عن علاقة الاخوة والمصالح المشتركة، وهذه الامور عامل قوة في التقارب بين الدول الثلاث، لا سيما بعد التغيرات السياسية بالمنطقة، اي بعد ما يسمى بالربيع العربي كان العراق وغيره من العرب بحاجة ماسة للتقارب وايقاف حالة التشظي في العلاقات العربية، فلابد من وجود عمق ستراتيجي عربي، وايجاد دالة التوازن في العلاقات العربية والدولية، ومحاولة النأي عن دوائر الاستقطاب والبحث عن المصالح اينما توجد، فهناك فرصة واضحة في مجالات الاستثمار والاعمار والطاقة، اضافة لفرصة سياسية هي نشدان التقارب العربي العربي، وهذا مهم لعوامل تاريخية معروفة، كما اسلفنا، تغذي العوامل الاقتصادية في التنمية والاعمار، لكن هنا نقف بأمنية التحقيق على أرض الواقع، حيث القيام فعلياً بتأسيس مشاريع مشتركة خادمة لمصالح الجميع من اجل الديمومة والاستمرار، اي تحويل تلك الاتفاقات إلى برامج عمل فوق الأرض، مثل قيام المدن الصناعية المشتركة للاستفادة المتبادلة. 

اذن مشروع المشرق العربي الجديد هو محاولة للخروج من حالة التشظي التي تمر بها المنطقة العربية، وبالتالي هو قد يكون نقطة كنواة لتجمع عربي أكبر، ومن ثم محاولة لتغيير الصراعات في المنطقة لصالح التضامن العربي.

وتحدث الدكتور حسن نافعة عن قدرة الدول العربية في معالجة التحديات سواء الخارجية، أو الداخلية، وعزا ذلك إلى محدودية القدرة في هذا المجال، ولكنه اقترح ثلاثة سيناريوهات: الاول قال فيه: قد تستمر الاوضاع على ماهي عليه، خصوصًا في غياب مؤسسات محلية وإقليمية فاعلة، والثاني: وايضا كان في رأيه سلبيا اذا ما حدث تغير مفاجئ نحو الاسوأ وقال : (خاصة إذا اندلعت حرب ضد إيران بمشاركة دول عربية إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو أسوأ السيناريوهات على الإطلاق. 

واحتمالات وقوعه محدودة، لكنها ليست مستبعدة تمامًا)، وحدد في السيناريو الثالث التغير المفاجئ بأن يوقف حالة التدهور ويكون التوجه العربي، نحو التقارب من اجل قضية فلسطين، ولكني أرى أن التقارب العربي مع أي جهة من جهات الوطن العربي لهو مدعاة قوة لما يمتلكه العرب من مصادر اقتصادية يسيل لها لعاب الشركات الغربية، بشرط يكون التقارب اقتصادي لاماً للعوامل الاخرى، فالعامل الاقتصادي في عالمنا الان له التأثير المهم في العلاقات الدولية، من هذا الجانب قد يكون التقارب الثلاثي بين العراق والاردن ومصر يحمل الطابع الاقتصادي، وايضاً حاملاً للعوامل الاخرى المشار لها سلفا، ونتوقع ان يكون نواة لمستقبل عربي موحد تجاه التحديات الدولية في ظل هذا الاضطراب القائم، بسبب الحرب الروسية الغربية المعلنة الواضحة.

وبكل تأكيد لا يكمن المشكل في الاقتصاد وحسب، انما هناك تحديات اخرى تواجه الدول الثلاث، فلكل دولة مشكلاتها، قد يكون العامل الاقتصادي قادرا على اجتماعها ومحاولة مواجهة التحديات الأخرى.