تراتيل عيد العمال

آراء 2023/05/03
...

 محمد شريف أبو ميسم 


الأصل في مناسبة عيد العمال أنها أمريكية بامتياز، والمفارقة في هذه المرحلة الزمنية، أن لا عيد للعمال في أمريكا التي تتجاوز فيها نسبة العمال نحو 50 بالمئة من عدد السكان البالغ 325 مليون 

نسمة.

وعلى خلاف ذلك، يعد الأول من أيار عطلة رسمية في واحد وتسعين دولة، احياء لذكرى انتصار ارادة الطبقة العاملة في تحقيق مطلب تقليص ساعات العمل إلى ثماني ساعات منذ 1 آيار 1886، على اثر اتفاقية لاتحاد العمل الأمريكي في أيلول من عام 1885 بعد إضراب عن العمل شارك فيه نحو 400 ألف عامل، وشهد صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في «شيكاغو وتورنتو» أفضت إلى مجزرة راح ضحيتها عدد من العمال ورجال الشرطة، بعد القاء قنبلة واطلاق الرصاص الحي، واعتقل على اثر ذلك العديد من قادة العمال وحكم على أربعة منهم بالإعدام، وعند تنفيذ الحكم بالعمال الأربعة كانت زوجة أحدهم تقرأ خطابا كتبه زوجها لابنه، جاء فيه «ولدي الصغيرعندما تكبر وتصبح شابا ستعرف لماذا أموت، ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أنني بريء، وأموت من أجل قضية شريفة، ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكي قصته 

لأصدقائك». 

وايمانا بأهمية هذه الذكرى في عالم تسوده الرأسمالية والاستغلال، تحتفل الحركات التحررية سنويا في هذا اليوم لارسال رسائلها المعبرة عن رغبة الانسان في التحرر من عبودية العمل، وتكريم العمال بوصفهم العنصر الأهم في العملية الانتاجية وبناء الدولة والمجتمع والشريحة المضحية من أجل الفئات 

الأخرى.

وبحسب ما ينقل عن ذلك الحدث فإن الرئيس الأميركي في ذلك الوقت «غروفر كليفلاند» كان قلقا من أن عطلة العمل في 1 أيار يمكن أن تمنح الحركات الاشتراكية والنقابات العمالية دعما وقوة كلما أحيت ذكرى الأول من آيار في جميع أنحاء العالم، فوضع له توقيتا آخر في أول يوم اثنين من شهر أيلول من كل عام، ثم استحالت الاحتفالية بعيدا عن محتواها بتعاقب السنين إلى اسبوع غير رسمي يحتفل به بمناسبة انتهاء فصل الصيف وبداية أنشطة الخريف، حيث تستأنف العديد من الولايات الدراسة بعد عطلة الأسبوع، وتنطلق العديد من رياضات الخريف دون ذكر للعمال والطبقة العاملة الا في نطاق ضيق، بينما تتصاعد فعاليات عيد العمال في أغلب دول العالم في الأول من آيار وسط بيئات عمل تعاني من التضخم في أعداد العاطلين وغياب قوانين العمل والضمان الصحي والاجتماعي والخلط بين مفاهيم اليسار واليمين في زمن العولمة الثقافية، واستبدال المسميات بأخرى فضفاضة، والتنكر لهوية الدولة بدعوى انتصار الرأسمالية، ومنح حق التدخل في شؤون الدول الأخرى والارتماء في أحضان من أطلق النار على عمال «تورنتو» نكاية بالقوى 

الثيوقراطية.