أطفال المناطق المحرومة .. مستقبلٌ مجهولٌ
اسرة ومجتمع
2019/04/20
+A
-A
يونس جلوب العراف
في جميع بلدان العالم يعد التعليم هو العمود الفقري لأية عملية تنموية وبدونه لن نتمكن من إخراج جيل صالح واع لديه ولاء لوطنه انطلاقا من حقيقة مفادها بأن الدراسة أساس التقدم إلا أن العديد من مناطق بغداد وعلى الرغم من كونها تقع في العاصمة إلا أن سكانها محرومون من التعليم الذي يليق بهم كعراقيين أصحاب أول حضارة علمت الإنسانية نتيجة عدم وجود مدارس ومن هذه المناطق اخترنا منطقة الدسيم التي تقع في نهاية مدينة الصدر خلف السدة ويقطنها ما يقارب الخمسة وثلاثين ألف نسمة اضطرتهم الظروف إلى السكن فيها لذلك حاولنا رصد القضية من جانب أصحاب المشكلة والمختصين والحلول المقترحة لها.
توسع دائم
يقول مختار منطقة الدسيم رائد نعمة فرج :ان المنطقة في توسع دائم نتيجة حاجة المواطنين الى سكن وهؤلاء يأتون من القطاعات الأخيرة لمدينة الصدر ومع تزايد تعداد السكان فيها فإنها تحتاج للخدمات والمباني التعليمية بصفة مستمرة لذلك لم يعد هناك حل سوى تبرعات الأهالي بأراض لإنشاء المدارس وهي ليست أبنية بل عبارة عن مجموعة من الكرفانات التي حصلنا عليها عن طريق المحافظة او بواسطة أعضاء مجلس المحافظة.
وأضاف ان المنطقة بحاجة الى مدارس حقيقية تليق بأبناء هذه المناطق كونهم من المضحين للوطن حيث استشهد العديد من أبناء هذه المنطقة دفاعا عن العراق ولذلك نطالب وزارة التربية ببناء بعض المدارس الابتدائية والثانوية لاسيما بعد تبرع عدد من المواطنين بقطع أراض تصلح لبناء مدارس كما نطالب الوزارة بتوفير الكوادر التعليمية من اجل جعل الكرفانات التي وصلت للمنطقة مدرسة أخرى تضاف إلى المدرسة الوحيدة الموجودة في المنطقة .
وتابع أن المنطقة بحاجة إلى تبليط الشارع الرئيس على الأقل من اجل أن يكون للمنطقة ربط مع القطاعات الأخيرة لمدينة الصدر ومناطق حي النصر والمعامل وبستان سامي وغيرها من المناطق فالأطفال يسيرون لمدارسهم وسط الأوحال مما يؤدي إلى إصابتهم بالأمراض المختلفة.
رحلة معاناة يومية
من جهته يقول محمد رشك وهو والد لثلاثة طلاب بالمرحلة الابتدائية والمتوسطة إنه يقيم في الدسيم مع أسرته منذ ما يقارب السبعة أعوام واقرب مدرسة تبعد عن محل سكنه مالا يقل عن ثلاثة كيلومترات مما يضطره للسير على الأقدام يومياً لتوصيلهم إلى المدرسة لاسيما مع عدم وجود خطوط مواصلات توصلهم إلى مدارسهم التي تقع في مدينة الصدر وهو ما يعرضهم لمخاطر حوادث الطرق ويجعلها رحلة معاناة يومية لاسيما في أيام المطر الكثيف التي تحول الطريق إلى أوحال تجعل من الصعوبة بمكان وصول التلاميذ إلى مدارسهم من دون السير والخوض في المياه والوحل .
وأضاف أن معظم الأهالي هنا في هذه المناطق يشعرون بالقهر نتيجة انعدام الخدمات ولاسيما الصرف الصحي حيث ان هذه الأراضي كانت تعد من ضمن الأراضي الزراعية والبناء عليها تم خلال فترات متباعدة فلم يكن هناك أي خدمات لكن في الوقت الحالي برزت الحاجة الى خدمة الصرف الصحي التي ان لم تتوفر فالقادم سيكون أسوأ.
وأشار إلى أن الحكومة تقول إن مشكلة بناء المدارس تكمن في أن وزارة التربية تعاني من العجز الشديد في بنود الميزانية الخاصة بالمباني والأراضي المطلوبة لإنشاء المدارس لذلك فلابد من توافر أراضي أملاك دولة أو أراض يتبرع بها احد المواطنين أو مجموعة مواطنين ويتم تخصيصها لإنشاء مباني خدمات تعليمية ثم يقدم هذا التخصيص لوزارة التربية لكي تعتمد المبلغ المالي وفقاً لخطة الدولة وطبقاً لاحتياجات المنطقة للقيام بعملية البناء.
طلبات وشكاوى للمسؤولين
من جهته يقول عجيل الدراجي المعروف بتقديم الخدمات إلى أهالي المنطقة :إن المناطق التي بها كثافات عالية ومحرومة من الخدمات التعليمية ولها ظهير زراعي عبارة عن أراضي فضاء يمكن أن تستخدم لإنشاء مدارس مع عمل خطوط أو وسائل مواصلات خاصة لنقل الطلاب من أماكن إقامتهم إلى المدارس والعكس فلا يشترط أن تكون المدارس وسط الكتل السكانية المزدحمة مما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة المرور والزحام في المدن وعلى الإدارة المحلية أن تحدد الأماكن التي تصلح لذلك.
ويؤكد الدراجي أن أهالي المنطقة تقدموا بعدة طلبات وشكاوى للمسؤولين لتوفير مدرسة جديدة داخل منطقتهم إلا أن هيئة الأبنية المدرسية طالبت بتوفير تبرع من أحد الأهالي بقطعة أرض أو بوجود أراضي أملاك دولة والأصعب من ذلك أنها اشترطت مساحة كبيرة يصعب إيجادها حتى ولو بالتبرع لذلك مطلوب مرونة أكثر من المسؤولين لحل هذه القضية.
وشدد على ضرورة قيام الدولة بتوفير الأراضي المطلوبة لبناء المدارس وتذليل كافة عقبات التنفيذ مثل استصدار التراخيص وتوصيل المرافق وذلك بالتعاون مع الهيئة العامة للأبنية المدرسية لتحديد المساحات المطلوبة لبناء المدارس او استخدام المساحات المتوافرة ببعض المدارس لأعمال التوسعة بمناطق الكثافات المرتفعة.
إكمال التعليم حق اصيل
يقول جاسم الحسيني وهو احد المدرسين الساكنين في المنطقة :إن التعليم هو العمود الفقري لأي عملية تنموية سليمة داخل أي مجتمع وهو يمثل نقطة الانطلاق الأساسية في كل المجالات فلو تركت هذه المناطق محرومة من التعليم ستكون هذه المناطق مرتعا للجهل والأمية .
وأضاف أن سكان هذه المناطق يطالبون ببناء مدارس بهذه المناطق من اجل إتاحة فرص متكافئة لجميع السكان في سن التعليم للالتحاق واكمال التعليم فمن المتعارف عليه ان التعليم هو حق اصيل لهم مع ضرورة ان تجعل مخرجاته قابلة للتوظيف والتدريب. ومن ثم فهو يقلص من البطالة ويسهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة.
وأوضح ان الحرمان من التعليم هو تكريس للفقر حيث ان التعليم هو فرصة الاسرة الفقيرة في تحسين مستواهم الاقتصادي كون الابناء سيحصلون على وظائف في الدوائر الحكومية كما ان المتعلمين يستطيعون العمل في القطاع الخاص ولذلك نحن نؤكد ضرورة حث الأهالي على تعليم أولادهم فأفقر الفئات هي التي لا ترى جدوى أو قيمة مادية ومعنوية من التعليم.
واشار الى ان التعليم يحتاج إلى توفير ابنية فضلا عن ضرورة توفر المناهج المطورة والاساليب التي تساير الدول المتقدمة في تناولها لجميع جوانبه المختلفة وتتوافق مخرجاته مع سوق العمل حيث ان بعض الأهالي يختارون حرمان أولادهم من التعليم والزج بهم في سوق العمل مما يعني المساهمة في زيادة البطالة بالنسبة للبالغين إلى جانب أن التسرب من التعليم مرتبط بجودة التعليم لذلك لابد من بحث المشاكل لأطفال هذه المناطق وتجميع بيانات الأطفال المحرومين من التعليم للظروف المتعلقة بالتعليم ومدى الانتظام بالدراسة.
والمح الى امكانية قيام رجال الأعمال بدور مهم في محاربة الأمية في بعض المناطق فعليهم المشاركة في شراء الأراضي وبناء المدارس وتوفير فرص عمل بعد ذلك للطلبة في مصانعهم لان هذا سوف ينمي ولاءهم وانتماءهم للوطن ويحميهم مما قد يتعرضون له من غسيل المخ كما سوف يساعد على رفع المستوى الاقتصادي لهذه الفئة المهمشة في مقابل قيام الدولة باعطاء رجال الاعمال الذين يقومون بذلك تسهيلات ضريبية خاصة.