جرس للتنبيه

آراء 2023/05/11
...

 نرمين المفتي 

تحت عنوان «تم بيع 357 ألف منزل للأجانب خلال 10 سنوات ؛ أكبر المشترين هم العراقيون»، نشرت صحيفة (Sözcü) التركية تقريرا في 2/4/2023، جاء فيه “بلغ عدد المنازل المباعة للأجانب في تركيا 357 ألفا و343 منزلا اعتبارا من ايار 2012، عندما ألغى القانون المعروف باسم قانون المعاملة بالمثل، القيود المفروضة على شراء الأجانب للعقارات في تركيا، دخل حيز التنفيذ”.

 واضافت “احتل المواطنون العراقيون المرتبة الأولى في مبيعات المساكن للأجانب في الفترة 2015 - 2023، بـ 49،13 وحدة. بينما احتلت روسيا المركز الثاني بـ 38 ألفًا و 465 وحدة، واحتلت إيران المرتبة الثالثة بـ 38 ألفًا و187 وحدة”. واشارت الصحيفة إلى “تدفق مباشر لرأس المال الأجنبي إلى تركيا بقيمة 128.9 مليار دولار في الفترة 2013- 2023، شكلت مشتريات العقارات 37.7٪ من هذا الرقم بقيمة 47.7 مليار دولار”. ويذكر ان تركيا بدأت في كانون الثاني 2017 بمنح الجنسية التركية للأجانب الذين اشتروا عقارات بقيمة مليون دولار على الأقل. تم تخفيض هذا الرقم إلى 250 ألف دولار في ايلول 2018، وأصبح الرقم 400 الف منذ ايار 2022 الحد الأدنى للجنسية”. ونشر موقع (بغداد تايمز) في اذار 2022 خبرا تحت عنوان “العراقيون أكثر العرب شراءً للعقارات في دبي خلال شهر شباط الماضي”. بينما نشرت الصحف الاردنية في تشرين أول 2022، تقريرا عن ارتفاع “قيمة المبيعات العقارية في الأردن بنسبة 24٪ في 9 أشهر الأولى من العام الحالي، لتصل إلى 4.35 مليار دينار، أي نحو 6.13 مليار دولار، مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق”. واستنادا إلى بيانات صادرة عن دائرة الأراضي والمساحة، فإن “العراقيين تصدروا قائمة المشترين الأجانب باستثمارات بلغت 88.8 مليون دينار (125.11 مليون دولار)”. بينما اشار د. حميد عبد الله من على قناته على اليوتيوب قبل أيام أن (ل.ت) أحد المتورطين بسرقة القرن (أمانات الضرائب) اشترى 21 شقة، قيمة الواحدة 7 ملايين دولار في دولة مجاورة. ولا توجد احصاءات عن العراقيين، الذين اشتروا عقارات في دول أوروبا وغيرها. 

قطعا ليس كل من اشترى عقارا في خارج العراق من الفاسدين الذين يغسلون أموالهم، خاصة الذين يشترون في تركيا، فهؤلاء في غالبيتهم من المتقاعدين الذين لم يتمكنوا من تملك عقار في العراق، بغداد، خاصة بسبب الارتفاع المجنون لاسعار العقارات بسبب غسيل الاموال، وحجتهم أن أسعار العقارات في تركيا اقل بكثير من العراق وشراء عقار يسمح لهم بالحصول على إقامة، ويقوم من يوكلونهم بتحويل رواتبهم التقاعدية اليهم، وطبعا بالعملة الصعبة. وفي حوار سابق مع وكالة الانباء العراقية (واع)، قال رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية/ كلية الادارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية، أحمد الحسيني، إن “هناك مجموعة من الأسباب تدفع بالمواطنين العراقيين لشراء عقارات أو وحدات سكنية في عدد من دول الجوار أبرزها الأردن وتركيا”، مضيفا أن “توسع رقعة شراء العقارات من قبل العراقيين في الخارج يعود إلى أن معظم العراقيين، الذين اشتروا عقارات في دول الجوار استغلوا فرق الأسعار المتفاوتة للعقار أو للحصول على إقامة أو جنسية تلك الدولة، كما هو الحال في تركيا، التي أعلنت أن من يودع أموالاً أو يشتري عقاراً، بمبلغ معلن عنه يمنح الجنسية التركية، وبالتالي دفع هذا لتصدر العراقيين قوائم الشراة الأجانب في تلك الدول، فضلاً عن أسعار العقارات داخل المدن العراقية أكثر منها في دول الجوار”.

اما الذين اشتروا عقارات للحصول على الجنسية، ففي غالبيتهم من الذين يغسلون الاموال وفي الوقت نفسه يحصلون على جواز سفر يسمح لهم بالسفر إلى 113 دولة بدون تأشيرة سفر استنادا إلى موقع (Visa Index).. ونستطيع أن نطبق ما قلناه بخصوص شراء العقارات في تركيا، عن الأردن ايضا، أي ان بين الذين اشتروا عقارات هناك، عراقيون أرغمتهم الظروف على مغادرة البلد وبينهم كذلك فاسدون يغسلون اموالهم. وتتكرر حالات غسيل الاموال ايضا من خلال شراء العقارات في دبي ودول أوربية وغيرها. 

اذن، دفعت مبالغ هائلة لشراء العقارات خارج العراق، بخطوة تضر بالاقتصاد العراقي، خاصة من قبل الفاسدين، الذين يسرقون قوت الشعب الذي واستنادا إلى احصاءات وزارة التخطيط، ربعه تحت خط الفقر.. إن غسيل الأموال من خلال العقارات واضح جدا داخل العراق، وهو الجريمة التي يدفع بالمتقاعدين خاصة بشراء عقارات باسعار معقولة لا يجدونها في العراق للاستقرار بعد عقود من العمل والتعب ولكن ليس في العراق.. نعرف أن قضايا الفساد وغسيل الاموال كثيرة ومعقدة، لكن لا بد من دق الجرس للتنبيه.