التاج وقلب الشعب

آراء 2023/05/11
...

 سعاد الجزائري

 لم تكن مصادفة أن يعرض فيلم The Qeen على قناة star movie بنفس يوم مراسم تتويج (الامير سابقا) تشارلز كملك لبريطانيا، وهو الذي سجل أطول فترة انتظار لهذا المنصب في تاريخ التاج البريطاني، وطبعا لبست كاميلا، زوجته، التاج الذي كان من المفترض أن تلبسه ديانا الراحلة.الفيلم يستعرض الاشكالات التي حصلت إثر (مقتل أو موت) ديانا، هذا الرحيل الكبير الذي هز عرش المملكة، بسبب التباين بين حزن الشعب والبرود والصمت، الذي خيّم على قصر باكنغهام، وهذا ما استفز محبي ديانا

فكشف عن مواقف عدائية ضد العائلة الملكية، مما اضطر ملكة بريطانيا للظهور في خطاب متلفز تتحدث فيه عن حزن القصر إثر رحيل ديانا، وأن تسير أمام قصر باكنغهام مع زوجها لتقرأ وتشاهد عبارات الحزن، التي كتبها الناس على تلال من باقات الزهور التي طوقت أسوار القصر.

 ومن جهة اخرى ظهر تناقض آخر على صعيد الفرق والاحزاب السياسية وموقفها من الحدث وطريقة التشييع، كما دار نقاش وجدل حول الالتزام بالطقوس الملكية، التي مر عليها ألف عام وبين ضرورة عصرنة هذه التقاليد.

لم يكن موت ديانا بالحدث العادي، فأنا أتذكر الوجوم الذي ساد الشوارع وحجز الكثير من محبي ديانا من مختلف دول العالم بطاقات سفر إلى لندن لمشاهدة وحضور تشييعها المهيب والمؤثر.

يومها خرجت مع ابني وابنتي الساعة الخامسة صباحا لنجد مكانا بين الحشود المشاركة والتي أزدحمت بها الشوارع، التي سيمر منها النعش النظِر، وافترشت سجادة بشرية حدائق الهايد بارك لمشاهدة مراسم التشييع عبر ساشات كبيرة نصبت في بالبارك.

سأل المذيع ديانا في لقاء مهم معها، خلال فترة انفصالها عن الامير تشارلز، فقال:

- كنت ستصبحين ملكة، فأجابته:

- لا أريد أن أصير ملكة على الشعب، بل أريد أن أكون في قلب الشعب. ولهذا لقبت بأميرة الشعب.

هذه العبارة دعتني إلى كتابة هذه المادة، على الرغم من أهمية التتويج، الذي بُث عالميا وشارك فيه رؤساء وملوك وأمراء، إضافة إلى الشخصيات العالمية المشهورة.

يشغلني دائما حب الشعب البريطاني للأميرة ديانا التي تميزت بسماحة وجهها وخجلها المحبب، اضافة إلى تواضعها وتمردها على تقاليد صُكت من حديد صلب كي لا تتغير، أحبها الناس ولا أنسى بكاءنا عندما مر نعشها وخلفه يسير طفليها اللذين فقدوا أما

 وصديقة.

كسبت ديانا حب شعبها رغم انها ليست المعنية بشكل مباشر بالوضع السياسي، لأنها انشغلت بالقضايا الانسانية والفنية، ولم تكن معنية بالوضع الاقتصادي وأثره في الشعب، كانت منهمكة بقضايا شعوب أخرى وضد الحروب وتحديدا ضد الألغام.

إنَّ الفوز بحب الشعب لا يتطلب الا أساسيات في الاخلاق وسلوك يشعر الاخرين بأنك منهم وفيهم ومؤمن بقضاياهم، وأنك، كمسؤول أو صاحب سلطة، معني بدرجة أساسية بتوفير عيش آمن ومستقر لشعبك، وموقفك الإنساني سيكون جواز مرورك إلى قلوب الجماهير..

يوم التتويج تذكرت الملايين ديانا التي بكاها الكثير يوم رحيلها، الذي جعل مشاعر محبي اميرة الشعب في كفة والتاج البريطاني في كفة أخرى، لان الحزن الكبير فجر كلمات واراء ما توقعت يوما أسمعها من 

بريطاني.

احب الناس بختلف جنسياتهم ديانا وبكوها يوم رحيلها، ترى أي مسؤول عربي أو عراقي أو زوجاتهم، باستثناء جمال عبد الناصر، سيبكيهم شعبهم إن رحلوا بدون عودة إن شاء الله..

تشارلز الان ملك بريطانيا وهو المحب والمناصر للفن والمعمار وتربطه علاقات جيدة مع دول العالم.، السؤال هل هو ملك على الشعب أم سيسكن قلبةالشعب..التيام ستثبت أي منصب سيفوز وربما بالاثنين معا...