كاظم الحسن
كان هناك من يقول، إن هذا البلد، قد نجا من ما أطلق عليه، الربيع العربي ولكن هذه الولادة كانت متأخرة، وهي أشبه بالإجهاض، والتي قد يتحول فيها الصراع، الى حرب أهلية ولا تلوح في الافق بوادر السلام والمصالحة الوطنية، أو امكانيات الحسم بين الجنرالين المتناحرين على السلطة.
ويبدو أن هناك وساطات ومبادرات دولية، سبقت اعلان الحرب بين الطرفين، من أجل دمج قوات الدعم السريع، مع الجيش وقد وقد استشعر بالخطر محمد حمدان دقلو، من خلال الحديث عن دمج قواته، مع الجيش النظامي، لذلك بادر إلى الصدام والحرب ضد عبد الفتاح برهان قائد الجيش السوداني وعليه، اعتقد أن المفاوضات، من أجل احلال السلام في جدة لن تجدي نفعا، لأن هناك تكافؤًا في القوى، بين الطرفين، إضافة لذلك، أن الوساطات السابقة قد فشلت، ناهيك عن الخراب والدمار، اللذين لحقا بالسودان، فضلا عن مئات الضحايا، الذين سقطوا في الحرب.
من يتحمل فاتورتها؟ أم أن مقولة «عفا الله عما سلف»، هي التي تنتصر على قاعدة، انقاذ ما يمكن انقاذه؟ تاريخ السودان الحديث هو الانقلابات العسكرية.
أنها السلطة وكرسي الحكم، الذي تلهث النفوس عليه، حتى لو كان ذلك بالدم ؟ هذه الايام توج شارلز الثالث على عرش بريطانيا، عن عمر يقارب 74 عامًا بعد رحيل والدته اليزابيث الثانية، وقد تخلت عن منصبها الفخري، قسرًا وليس طوعًا، لعمر ناهز 96 عاما؟ ماذ لو تنازلت عن منصبها قبل 40 عاما، لتزرع البسمة لشارلز الفتي! أنها السلطة وعليها تدور الدوائر، حتى لو كانت شرفية وفي بريطانيا تاريخ الشرق الاوسط الحديث، هو صراع على السلطة، بين العساكر، بعد استقلال هذه الدول وتحررها من الاستعمار وسميت هذه الحقبة الثورية، أي حكم الثكنة العسكرية الدئمة التي تعطل فيها كل شيء.
والأسوأ هو ما سمي بالفوضى الخلاقة، وكانت ثورة على الثورة في صراع، مزمن على كرسي الحكم وأن أخذ توصيفات متعددة ومنه دولة السودان.
والمشكلة في البلد، بعد إزاحة عمر البشير عن الحكم، تلقها العسكر بوعود لتسليم الحكم إلى المدنيين، وهم مع بعضهم لم يتفقوا بعد وقد انقلب السحر على الساحر، فكان تأسيس مليشيا الدعم السريع وقد خاضت هذه الميليشيات، الحرب التي اندلعت في العام 2003، في إقليم دارفور، وبرز وقتها مسمى ميليشيات «الجنجويد» مرادفاً لها وضمن مدلولات المصطلح الشائعة أنها مقتبسة اختصاراً من عبارة «جن يركب جواد»، والتي اتهمت لاحقاً، بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية والتطهير العرقي، نتيجة إفراط نظام البشير الحاكم وقتها في استخدام هذه الميليشيات في النزاع، بصورة خلخلت بشدة النسيج الاجتماعي في الإقليم، بعد أن تعاظم دورها في مواجهة حركات التمرد مع الجيش الحكومي.
وقد أخذت هذه المليشيا دور الحياد، عند اسقاط نظام حكم البشير وهي تريد ثمن انتصارتها، على حركات التمرد، وربما تريد أن تبقى قوة مستقلة، تابعة لرئيس الدولة والمعضلة، أن محمد حمدان دقلو المكنى حميداتي، يعد نفسه ندًا لقائد الجيش عبد الفتاح برهان.