نظام إنذار مبكر من العواصف الشمسيَّة المدمّرة

علوم وتكنلوجيا 2023/05/18
...

 فشوام سانكاران

 ترجمة: أنيس الصفار


أنشأت وكالة ناسا أنموذجاً يعمل بالذكاء الاصطناعي مهمته التنبؤ بالمواقع على الأرض التي يرجح تأثرها بأية عاصفة شمسيَّة وشيكة الحدوث، ويقول العلماء إنَّ النظام الجديد يمكن أنْ يعطي الإنذار المسبق قبل 30 دقيقة من وصول الضربة.

يقول الباحثون من مركز "غودارد" الفضائي التابع لوكالة الفضاء الاميركية إنَّ نموذج الذكاء الاصطناعي المذكور يجري تحليلاً للبيانات التي تجمعها أقمار وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" ثم يطلق أجراس الخطر بمجرد التقاطه بوادر أجواء فضائيَّة 

خطرة.

وفقاً للدراسة الجديدة، التي نشرت مؤخراً في مجلة "سبيس ويذر"، فإنَّ الإنذار هنا لا يتيح للدول المتأثرة من الوقت إلا ما يكفي لدرء التأثيرات الشديدة لهذه العواصف على شبكات الكهرباء وسواها من البنى التحتية الحساسة. 

تحدث العواصف الشمسية عندما تلفظ الشمس دفقاً متفجراً من البلازما المشحونة كهربائياً على هيئة ما يسمى "الدفق الاكليلي الكتلي"، والجسيمات الدقيقة المشحونة التي تنطلق تؤدي الى خلق ما يسمى بالعواصف المغناطيسية الأرضية (الجيومغناطيسية) التي يمكن أنْ تؤدي الى إطفاء الوظائف التكنولوجيَّة للأجهزة على الأرض واضطراب أدائها من خلال تداخلها مع المجال المغناطيسي الواقي المحيط بكوكبنا.

تتراوح العواصف الشمسية في شدتها ما بين المتوسطة والشديدة، لكنَّ تأثيراتها يمكن أنْ تصبح مثيرة للتشويش والارتباك على نحوٍ متصاعدٍ في عالم يزداد اعتماداً على 

التكنولوجيا. 

فالعاصفة الشمسيَّة التي حدثت في العام 1989 مثلاً تسببت بانقطاع التيار الكهربائي عن جميع أنحاء كويبك بكندا لمدة 12 ساعة، ما أدى الى إغراق الملايين في الظلام وإغلاق المدارس والأعمال التجاريَّة.

في حادثة شهيرة أخرى أدت عاصفة شمسيَّة جبارة، في الحادثة التي صارت تعرف باسم "حادثة كارنغتون"، الى إطلاق سلسلة من حرائق محطات التلغراف، التي كانت آنذاك في حداثة عهدها في العام 1859، الأمر الذي أوقف إرسال البرقيات.

يحذر العلماء من أنَّ خطر مثل هذه العواصف الشمسيَّة المدمرة آخذٌ بالتزايد مع اقترابنا من "الحد الشمسي الأقصى" المقبل – وهي نقطة الذروة في دورة النشاط الشمسي التي تتكرر كل 11 عاماً.

لمنع مثل هذا الدمار طوّر العلماء في وكالة "ناسا" نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد لتحديد العلاقات بين قراءات الرياح الشمسيَّة المسجلة التي التقطتها بعثات شمسيَّة سابقة واضطرابات الحقل المغناطيسي الأرضي التي لوحظت في المحطات الأرضيَّة في مختلف أنحاء العالم.

يقول الباحثون إنَّ النموذج الكومبيوتري الذي طوروه، واسمه "داغر"، تمكن من التنبؤ بسرعة ودقة بالاضطرابات المغناطيسيَّة الأرضيَّة في مختلف أنحاء العالم قبل 30 دقيقة من وقوعها. 

وعندما اختبروه بمواجهة عاصفتين مغناطيسيتين اتفق وقوعهما في آب 2011 وآذار 2015 نجح في التنبؤ "بسرعة ودقة" بإمكانيات تأثير العاصفتين على المناطق المختلفة في العالم.

نظام التنبؤ الجديد هو الأول الذي يجمع بين التحليل السريع الذي يجريه الذكاء الاصطناعي والقياسات والقراءات الحقيقة المأخوذة من الفضاء ومناطق الارض المختلفة للخروج بتنبؤات يعاد تحديثها بشكل مستمر.

يعتقد العلماء أنَّ الإنذار المبكر الذي يوفره النظام الجديد يمكن أنْ يساعد في اتخاذ بعض الإجراءات الاستباقية لحماية البنى التحتية من اية عاصفة شمسية وشيكة، مثل فصل الأنظمة الحساسة مؤقتاً عن الشبكة او نقل الاقمار الاصطناعية الى مدارات مختلفة.

عن صحيفة الاندبندنت