عمر الناصر
ما زال التشويش المتعمد والتضليل غير المبرر من قبل البعض يذهب بنا يميناً وشمالاً، ليزيد من ارتفاع منسوب التيه الفكري، لتوظيفه سياسياً في بعض الاحيان، بغية الحفاظ على هيبة الضبابية والتشتت، اللذين تتمترس خلفهما قطعان هائلة من الجيوش الالكترونية والبشرية غير القادرة على القاء الحجة والاقناع اثناء المناظرة، والذين هم غير مؤمنين بأهمية الانسلاخ عن شرنقة التقوقع والتحرر العقلي والايمان المطلق، بضرورة التفكير خارج الصندوق، الذي يستند في أبجدياته إلى الاساليب المثلى لمعايير الإنصاف والحرفية، واحترام شرف الخصومة والقبول بمبدأ الربح والخسارة، وخصوصاً بعد أن أصبح البقاء ضمن حضيرة المهنية، يكلف ثمناً باهظاً الذي يفرض التحدث بلغة المنطق والموضوعية.
الكثير منا يرى بأن مجالسة السفراء فيها الكثير من الانتقائية والكيل بمكيالين، فيراها البعض بأنها بدعة أو هرطقة، قد تؤدي للخروج من الملة، أو ربما الاتهام بالزندقة والتكفير، واذا ما اضيفت لها بعض توابل المطبخ السياسي، غير المتجانسة فقد تؤدي حينها إلى الخيانة العظمى، في حين يتساءل الكثير منا لماذا "باء" البعض منا تجر و"باء" الآخرين لا تجر؟ ففريق في الشارع يكون في محط الشبهة وتحت المراقبة، ربما اذا ما التقط صوراً مع دبلوماسيين أو سفراء، أو حتى اذا ما شارك في المؤتمرات وورشات العمل العملية والانسانية العلنية، التي تقيمها المنظمات الدولية والسفارات الصديقة المتواجدة بشكل "شرعي"، وتحت مظلة القانون الدولي داخل العراق، والا لما كانت هنالك زيارات متبادلة بين السياسيين وضيوف العراق والاشقاء من دول العالم المختلفة.
لكن في الجانب الاخر إذا ما تم لقاء الطرف الاخر مع الجهات نفسها، ستقوم الدنيا ولا تقعد كونه يعد خدشا للسمعة الوطنية والاخلاص والنزاهة، لأن لقاءاتهم تكون فوق مستوى الشبهات.
يفكر شيطاني الوديع لدعوة السفيرة لاحتساء الشاي أو لتذوق فطيرة، فتكون فرصة مناسبة لأفصح عما يدور في خافقي، واطلق العنان لأسئلتي المنطقية منها والموسيقية، لأتساءل من سيقوم بتعويض العراق عن اثار الدمار التي خلفها الاحتلال، ابتداءً من تحمل تكاليف اعادة بناء الانسان العراقي من جديد، وانتهاء بمعالجة الاثار النفسية التي تركها الغزو منذ عام 2003؟ كي تكون خطوة انصاف عادلة لتوازن كفتي ما للعراق من ديون واجبة الدفع، وكفة الديون شبه المعدومة من خلال مقررات نادي باريس
عام 2004.
لماذا لا تساعدنا السفيرة بالبحث والتنقيب عن اموال العراق التائهة في ذمة دول العالم منذ زمن النظام السابق، والتي لا أحد لديه معلومات دقيقة عن حجمها أو أماكن تواجدها واصولها ولم يتم التطرق لها ولاهمية استردادها، وغياب الاضواء الاعلامية والسياسية عن التلويح بها كورقة، نستعيد من خلالها جزءا من هيبة السيادة العراقية ودعم الميزانية ولتعظيم موارد دولة المؤسسات، التي اصبحت اليوم في مرحلة النضوج.