باسم محمد حبيب
عندما تساءلت في أحد منشوراتي عن السبب الذي يجعل محافظتي ومن يجاورها من المحافظات، متخلفة من ناحية الإعمار والتطوير عن باقي محافظات ومدن العراق؟ جاءني رد من أحد الأصدقاء بأن السبب فيكم وليس في غيركم، مردفا ذلك بقوله: هذا لأنكم لا تبالون بما يصيبكم، فغايتكم الأولى رضا المسؤول، أصاب أو أخطأ، عمل للناس أم لنفسه، نجح أم فشل في مهامه، بينما نجد غيركم يحاسبون مسؤوليهم، ويمتنعون عن إعادة انتخابهم إذا ما قصروا بحقهم، فاللوم يقع عليكم في ما تعانونه من إهمال وما يصبكم من ضرر، وليس لكم الحق في أن تعاتبوا الآخرين أو تلوموهم إذا ما استغلوا ذلك لمصلحتهم.
الحقيقة لم أكن مقتنعا تماما بما قاله ذلك الصديق، ذلك لأن الآخرين حتى وأن أنسقت مع رأيه في أنهم أكثر مطاولة منا في مواجهة المسؤول، إلا أن ذلك ليس أمرا تاما بل نسبي، كما أنني لا أقبل أن يستغل الآخرون هذا الأمر، ففي النهاية جميعنا عراقيون، وجميعنا مطالبون بأن نعمل معا من أجل أن تحظى جميع المحافظات والمدن والقرى العراقية بنصيبها من الإعمار والبناء والخدمات، فكوني غير قادر على ضمان حقي، لا يعفي غيري من مسؤولية ما أنا فيه، وإن كان بشكل أقل من مسؤوليتي أنا أو مسؤولية من يمثلني، وهذا برأيي يصح على الجميع.
إن الفشل في ضمان الإعمار لأي محافظة عراقية ستكون له عواقب وخيمة على المحافظات الأخرى، وسيؤدي إلى إضعاف الدولة ومجمل نظامها السياسي، بعد أن يجري التشكيك في قدرته على ضمان العدالة والمساواة لجميع أبناء الشعب العراقي، فضلا عن تأثير ذلك على البنية الاجتماعية، وبالأخص ما يمكن أن يولده ذلك سعي أبناء المحافظات والمدن الأقل إعمارا والأسوأ من ناحية الخدمات على ترك محافظاتهم ومدنهم والهجرة إلى محافظات أخرى، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى خلخلة النسيج السكاني للبلد و ظروفه وأحواله العامة.
ولأن البلد الذي يعاني من مشكلات عدة غير قادر على استيعاب مشكلات جديدة، فإن من الضروري العمل على تفادي ذلك بكل السبل والإمكانات المتاحة، وليس هناك ما هو أضمن وأجدى من إعمار وتطوير جميع المدن والمحافظات العراقية، بالاستناد إلى خطة وطنية شاملة تأخذ بالاعتبار حاجات كل محافظة أو مدينة أو قرية، وما يتطلبه واقعها من إنماء وتطوير.
فتحقيق ذلك لن يخلق بيئة يمكن للجميع العيش فيها بأمان واستقرار فحسب، بل ويقوي أسس الدولة ويجعلها قادرة على البقاء والتطور، فضلا عن تدعيم المشتركات وتمتين الرابطة الوطنية، التي نحن بأمس الحاجة لتمتينها وتقويتها، حتى تكون سبيلنا للخلاص من معاناتنا وظروفنا المعقدة.