هل تؤدي بعض الأطعمة إلى زيادة الخصوبة؟

علوم وتكنلوجيا 2023/05/21
...

 نيويورك: بي بي سي


إذا زرت أياً من غرف الدردشة المخصصة لمناقشة مسألة الخصوبة على الإنترنت، سوف تجد على الأرجح، أنَّ أحد الموضوعات الرئيسة التي تجري مناقشتها نوعيَّة الأطعمة التي يجب أنْ تتناولها المرأة لزيادة فرصها في الحمل والإنجاب.

ولكنْ وسط كل شعارات التسويق، ما الدليل الذي يدعم فكرة أنَّ تناول أطعمة بعينها يؤدي إلى زيادة خصوبة الذكور أو الإناث ويساعد في نمو الجنين بشكل طبيعي؟

بداية، عندما يتعلق الأمر بالإسهام في تعزيز صحة المرأة الحامل أو الجنين، من الممكن أنْ يُحدث بعض العناصر الغذائيَّة فرقاً حقيقياً، مثل حمض الفوليك. فقد ثبت أنَّ تناوله قبل الحمل وأثناءه يساعد في منع حدوث التشوه الخلقي المسمى "انعدام الدماغ"، وكذلك تشقق العمود الفقري لدى الجنين.


ماذا عن المكملات الأخرى؟

في حين أنه لا يوجد طعام أو مكمل غذائي واحد يمكنه حل تلك المشكلات المحتملة بشكل سريع، يقول الخبراء إن نوعيَّة الغذاء يمكن أنْ تلعب دوراً مفيداً خلال محاولة الحمل وبعدها.

يمكن القول إن أشهر النتائج التي تم التوصل إليها في هذا المجال كانت لدراسة شملت الأطفال الرضع الذين حملت بهم أمهاتهم خلال ما يطلق عليه "شتاء الجوع الهولندي" عام 1944، حيث سادت المجاعة لمدة ثمانية أشهر بعدما قطع النازيون إمدادات الغذاء عن هولندا في نهاية الحرب العالميَّة الثانية. كانت النساء الحوامل تعيش على 400 سعرة حراريَّة فقط في اليوم، وهو نسبة صغيرة من الغذاء الذي ينصح بتناوله من أجل حمل صحي.

الأطفال الذين ولدوا في تلك الفترة واجهوا عددا من العواقب الصحيَّة الوخيمة، فقد كانوا أقصر وأنحف من الأطفال الذين ولدوا قبلهم أو بعدهم، كما كانت أحجام رؤوسهم أصغر. وبعد أن أصبحوا بالغين، ارتفعت لديهم معدلات السمنة والإصابة بداء السكري ومرض الانفصام في الشخصيَّة، وتوُفّوا في سن أصغر.


مزيج صحيح من العناصر الغذائيَّة

وبالنسبة لهؤلاء الذين يحصلون على كميات كافية من الغذاء، من المهم تناول المزيج الصحيح من العناصر الغذائيَّة. وفي حين أنَّ المناقشات التي تدور حول الأطعمة المفيدة عادة ما تركز على خصوبة المرأة، هناك وعيٌ متزايدٌ حالياً بكيفيَّة تأثير نوع الغذاء في خصوبة الرجل أيضاً.

فقد وجدت دراسة أجريت على الأزواج الذين لجؤوا إلى الإنجاب من خلال عمليات التلقيح خارج الرحم أن تناول الرجال للحوم، وأنواع تلك اللحوم على وجه الخصوص، أثر في نتيجة تلك العمليات. فتناول كميات أكبر من الدواجن كان له تأثير إيجابي على معدلات الخصوبة، في حين أن تناول اللحوم المعالَجة (مثل السجق ولحم الخنزير المعالج) كان له تأثير سلبي. 

الرجال الذين كانوا يتناولون كميات أقل من اللحوم المعالجة، بلغت فرصة نجاح الحمل لدى زوجاتهم نسبة 82 في المئة، في حين أن الرجال الذين تناولوا كميات أكبر من اللحوم المعالجة وصلت فرصهم إلى 54 في المئة فقط. 

وحتى بعد حدوث الحمل، فإن نوعيَّة الأطعمة التي يتناولها الأب قد تؤثر بشكل غير مباشر في الجنين.

فقد توصلت دراسة أجراها باحثون بجامعة كوينزلاند الأستراليَّة إلى أن ما يأكله الآباء له تأثير متواصل في صحة أطفالهم. عكف فريق الباحثين على تحليل بيانات حوالي 200 من الأزواج الذين تلقوا خدمة رعايَّة ما قبل الولادة بأكبر مستشفيات التوليد في أستراليا، مستشفى Mater Mother بمدينة بريسبان. وجدت الدراسة أن الأطعمة التي تناولها الرجال كان لها تأثير كبير على النساء، وكان لذلك بدوره تأثير على الجنين. كما تشير دراسات أخرى إلى أن وزن الأب قد يؤثر في وزن الأطفال لأكثر من جيل.

تقول شيلي ويلكينسون خبيرة التغذيَّة: "كثيراً ما يتم تجاهل العلاقة بين الخصوبة وصحة الرجال وتغذيتهم، ولكنه أمرٌ شديد الأهميَّة. فقد يكون لذلك تأثير في صحة أحفادهم في واقع الأمر".