خلاف الجزئية.. وحقّ الهوية

الرياضة 2023/05/22
...

علي رياح



يُفترض، وفقاً للغة المنطق والاحتكام إلى المصلحة الأعمّ والأشمل، أن تكون النافذة الوحيدة التي نفتحها على الأرجنتين حيث سيبدأ منتخبنا رحلته المونديالية، عامرة بكل رسائل الدعم والإسناد الواضحة دونما إبطاء أو امتناع تمسّكاً بأية ذريعة.

توجّه المنتخب إلى الأرجنتين مصحوباً بصور شتى بينها المؤازرة من قطاع من جمهورنا، وبينها – كذلك – ملاحظات بلغت حَـدّ النقد والسخط وربما التجريح تحت مبرر أن المدرب عماد محمد راعى جزئية ولم يأخذ بنظر الاعتبار جزئيات أخرى، وهذا ما يراه أصحاب الرأي الناقم على المدرب أو حتى على طريقته في اختيار اللاعبين.

يُذكـّـرني هذا المشهد بما حصل قبل مشاركتنا في نهائيات آسيا في أوزباكستان وتحديداً في دور المجموعات منها، فلقد طاردت الآراء النقدية المنتخب وانصبّ معظمها على المدرب، وقد كنت أرى في بعضها المنطق والصواب، ووجدت في معظمها تصفية لحسابات لا ترقى إلى مصلحة المنتخب وهويته العراقية التي توحّدنا في خاتمة المطاف حين تأتي ساعة الجد، من دون النظر إلى جزئية تنتج لنا كل هذا الخلاف.

السفر إلى الأرجنتين كان مصحوباً بهذا، وكأنه نسخة طبق الأصل مما سبق. اتفهّم تماماً كل رأي مطروح خصوصاً حين يرتبط الأمر بلاعبينا المحترفين أو المتواجدين في الخارج وضرورة زجّ المهم والنافع منهم في توليفة المنتخب.. لكنني اتفهّم – بالمقابل – أن قيادة أي منتخب على وجه الدنيا تنتهي بالمحصلة عند شخص واحد هو المدرب أو المدير الفني، فحين يقع الإخفاق لن يجري اقتسام ردّ الفعل الغاضب وما يترتب عليه، وسيكون المدرب وحيداً هنا يُحصي جراحه وقبلها ما ارتكب من أخطا.

نحن أمام حيّز زمني عمره ساعات قبل مباراتنا الاستهلالية أمام الأورغواي، هل يصح أن يمتد جدلنا ونقاشنا ومعه كل ما استجمعناه من سخط انطلاقا من بغداد، إلى كواليس هذه المباراة حين يحاول المدرب لملمة أفكاره، وحين ينبغي على كل لاعب أن يصوّب ناظريه نحو ملعب دييغو أرماندو مارادونا حيث لا ينفع عتاب، ولا قيمة لأي كلام غير كلام البحث عن نتيجة إيجابية؟! 

المهمة تستدعي تكريساً لكل جهد ولكل فكر ولكل دعم ممكن، وتفادي التركيز على ما يتركه أي تصرف فردي خارج النص والأصول.. هذا هو المنطق الذي أجده وحيداً في خوض المباراة وكذلك المواجهتين اللاحقتين مع تونس وإنكلترا، فحتى لائمة اللائمين والتي كانت حتى موعد السفر تغلي على صفحات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، لن تقدم لمنتخبنا ما يُسعفه أو يُعينه، خلافاً لما هو الحال حين نبسط لمنتخبنا مساحات واسعة من التشجيع في هذا المفترق الزمني بالذات، فذلك أجد وأنف.

أمام منتخبنا الشبابي أوقات صعبة واختبارات عصيبة أمام المنتخبات الثلاثة في مجموعتنا.. المدرب عماد محمد يدرك هذا قبلنا ومعه اللاعبون الذين يبحثون عن النجاح كي يؤسس بعضهم أو كثير منهم لعهد جيل جديد سنتغنّى به ونفرح لنجاحاته. وأن نخوض البطولة تحت بند (دَعْ عنك لَومي) أفضل ألف مرة من الإصرار على تكسير المجاذيف.