بغداد تعودُ لأهلها من جديد

آراء 2023/05/23
...

 باقر صاحب

 

أن تنشر وكالةٌ أجنبيةٌ عريقةٌ مثل «رويترز»، تقريراً عما يحصل في بغداد في الوقت الحالي من مشاريع لتجميل العاصمة بغداد، تقوم بها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فهذا يدلُّ على أن ما يجري من مشاريع إصلاحٍ وترميمٍ «بعد فترةٍ طويلةٍ من الإهمال والصراعات» بدأ يلفت انتباه وسائل الإعلام العالمية.

التقرير الذي ترجمته وكالة شفق الإخبارية، نقلاً عن «رويترز»، يصف تلك المشاريع بأنها» الأكبر منذ سنوات»، وتشمل بحسب التقرير المترجم تحسين الطرق والجسور والأرصفة ورفع الحواجز الكونكريتية التي تعرقل حركة السير، فضلاً عن «تجميل واجهات المباني، التي شوهتها الحرب وإصلاح الحدائق والمنتزهات على ضفاف نهر دجلة الذي يمر عبر المدينة». 

هذه الخدمات وصفها تقرير رويترز بأنها «غائبة منذ 20 عاماً»، هي عمر سنوات التغيير الذي جرى في العراق عام 2003.

وعزا التقرير انطلاق تلك الإصلاحات إلى ارتفاع أسعار النفط والاستقرار السياسي النسبي، وسعي رئيس الوزراء السوداني إلى استرضاء شرائح مختلفة من العراقيين، وترسيخ انطباع بأن هناك تغييراً جديّاً سيلمسونه على أرض الواقع شيئاً فشيئا، حيث يذكر التقرير تصريح الباحث في معهد «ذي سينشري فاونديشن» سجاد جياد بأن رئيس الوزراء» يظهر تصميماً على متابعة الأمور التي يمكن أن يشعر بها الناس في الوقت الحالي، وليس الأشياء التي ستأتيهم بالفائدة بعد 10 سنوات». 

ومن البديهي بالنسبة لنا أن إدامة الاستقرار السياسي سيسهم في فتح المزيد من أبواب الإصلاحات الخدمية، التي تصب في صالح تحسين مسارات الحياة اليومية للناس، فعلى سبيل المثال نذكر أن دخول مشاريع فك الاختناقات المرورية في العاصمة حيز التنفيذ، سيعطي الأمل لسكنة العاصمة وكلّ زائريها بأن هذه الاختناقات وقتية، وأن المواطن سيُتاح له في المستقبل القريب، استثمار أوقات عمله وراحته على أفضل ما يكون، ومن ثم خلق الراحة النفسية، فالازدحامات المرورية تجلب التوتر العصبي، لأن المواطن البغدادي خاصة والعراقي عامة، يشعر أنّ يومه يمضي بلا فائدة بعد ساعاتٍ من الانتظار في الشوارع والتقاطعات. 

لفت تقرير «رويترز» إلى حالاتٍ إيجابية عديدة، منها إنّ هذه المشاريع، هي في طريقها إلى أن تعم مختلف ضواحي بغداد، وبحسب تصريح أمين العاصمة عمار موسى بأنّ هذه هي البداية، وأنّ هناك تخصيصاتٍ ضخمةً لمشاريع تجميل بغداد «مشيراً إلى وجود تمويل بنحو 530 مليار دينار (400 مليون دولار)، تم تخصيصها للمدينة من خلال قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي (لعام 2022)» أي بغض النظر عما سيُخصّص للمدينة في الموازنة الجديدة.

على سبيل المثال، هناك مشاريع خدميةٌ في مدينة الصدر بعثتِ الارتياح لدى مواطنيها، ويذكر التقرير تصريح أحد مواطني المدينة بهذا الشأن.

وعلى سبيل تجميل المدينة بالمتنزهات والمساحات الخضر، تمت خلال فترة حكم رئيس الوزراء السوداني» إقامة كورنيش بطول 2.5 كيلومتر على طول الضفة الشرقية لنهر دجلة، على امتداد حديقة أبو نواس، وهي واحدة من أكبر المساحات الخضر في بغداد، حيث تم تزويد الكورنيش بمساراتٍ مخصصةٍ للركض وركوب الدراجات ومقاعد وحماماتٍ عامة». نرى أنّ مثل هذه المشاريع التجميلية، ستجعل سكنة بغداد يشعرون أن مدينتهم التي يعرفون عادت إليهم، ومن ثم ستصبح قبلة الزائرين من مختلف المحافظات ومن السيّاح العرب والأجانب، وهذا سيصبُّ في مصلحة ازدهار الحركة الاقتصادية في العاصمة، بتزايد واردات قطاعات السياحة والفندقة، فضلاً عن أمرٍ مهمٍّ وهو أن تلك المشاريع القائمة والتي سَتُقام في المستقبل القريب، ستشغّل آلاف الأيدي العاطلة من الشباب، الذين يتظاهرون من أجل الحصول على الوظائف وفرص العمل.