بغداد: حيدر الجابر
دعا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، المواطنين إلى مساعدة الحكومة في مكافحة الفساد، وذلك عبر اتصال مباشر مع برنامج «الوطن والناس» الذي يعرض على «العراقية الإخبارية»، متعهداً خلال الاتصال بمتابعة جميع المشكلات التي طرحت من قبل المواطنين، حاثاً إياهم على مساعدة الحكومة في محاربة الفساد.
وبهذا الشأن، قال عضو لجنة النزاهة النيابية، النائب سعود الساعدي، لـ»الصباح»: إنَّ «مكافحة الفساد والحد منه ليست مسؤولية الحكومة فقط، أو القضاء، أو الجهات التنفيذية، أو المعنية بالنزاهة، أو الحد من الفساد»، ودعا إلى أن «يكون المواطن جزءاً من ستراتيجية شاملة لمكافحة الفساد والحد منه عبر التبليغ عن حالات الفساد وامتلاك ثقافة قانونية وقضائية حول أحكام الفساد والكسب غير المشروع، والتعرف على أدوار وواجبات ووظائف أعضاء مجلس النواب والسلطة التنفيذية والهيئات المستقلة، ليتمكنوا من المتابعة والمراقبة وعدم إطلاق الأحكام العامة والشعبوية التي تتهم كل الطبقة السياسية أو الجهات التنفيذية بأنها فاسدة ومتورطة».
واستدرك: «لا يعقل أن كل المعنيين والمتصدين والمسؤولين فاسدون»، واعتبر أنَّ «مثل هذه التعميمات تعد حماية وتبريراً للفاسدين وظلماً وإجحافاً بحق المتصدين والمنصفين والشرفاء والمخلصين»، داعياً المواطنين إلى «التبليغ عن حالات الفساد عبر المنصات الإلكترونية التي أطلقتها هيئة النزاهة مؤخراً».
وشدد على أهمية «المشاركة في مكافحة الفساد وعدم ترك الأمور على عواهنها، ولا بد من التعاون وتوعية المواطنين لمكافحة الفساد»، وبين أنَّ «هذا الموضوع بحاجة إلى منظومة متكاملة تشمل المواطن».
ونبّه الساعدي، إلى أنه «قبل أن نطلب من المواطن ذلك لابد أن نكسب ثقته، عبر إجراءات الجهات المعنية بمكافحة الفساد وجدية ضرب الفاسدين ومحاسبتهم ومحاكمتهم وإدانتهم»، وختم أن «هذا من شأنه أن يشجع المواطن على الانخراط بقوة في هذه الحملة الستراتيجية الشاملة».
إلى ذلك، بيّن الخبير القانوني د. علي التميمي، دور المواطن حسب القانون في محاربة الفساد.
وقال التميمي لـ»الصباح»: « تناول قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 وتحديداً في المادة 47/ 2 منه ما يخص الشاهد السري أو المخبر السري، إذ أراد المشرّع من ذلك خدمة المجتمع من حيث الإبلاغ عن الجرائم»، وأضاف، «يقوم هذا الشاهد بالإدلاء بشهادته أمام قاضي التحقيق بعد تحليفه اليمين كأي شاهد آخر تستمع إليه المحكمة»، وبين أنَّ «هناك فرقاً بين المخبر السري والشاهد السري وبين المصدر السري، والأخير هو مصدر المعلومات للأجهزة الأمنية كافة».
وتابع، أنه «في عام 1988 صدر قانون نظم عمل المخبر السري وهو 119، حيث عدّل المادة أعلاه، حيث اقتصر الإبلاغ عن الجرائم بالنسبة للمخبر السري في الجرائم السياسية والاقتصادية والمعاقب عليها بالإعدام أو المؤبد»، وأضاف «أوجب هذا القانون على محاكم التحقيق فتح سجل خاص لهذا الغرض لا يطلع عليه إلا قضاة التحقيق، أو القضاة المختصون، والادعاء العام».
وأوضح التميمي، أنه «ولغرض تشجيع من يقدم إخبارا أو معلومات تؤدي إلى استعادة الأموال المملوكة للدولة، والقبض على مرتكبي الجرائم، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، وتشجيع من يدلي بالمعلومات في حالة الفساد المالي والإداري، نلاحظ أنه صدر القانون 33 لسنة 2008، حيث تسري أحكام هذا القانون على موظفي الدولة والقطاع العام»، وتابع «كما تشمل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى استعادة الآثار العراقية المسروقة، وكذلك الإخبار عن الفساد الإداري والمالي».
وأكد أنَّ «هذا القانون بيّن أنَّ الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة له صلاحية منح مكافأة مالية للمشمولين بأحكام هذا القانون، وهي نسب تتراوح بين 3 - 5 % من قيمة المال المسترجع».
من جانبه، قال الكاتب والصحفي سلام الزبيدي، لـ»الصباح»: إنَّ « كل عمل تقدم عليه الحكومة سواء كان بمحاربة الفساد أو غيره، يتطلب تضافراً للجهود بين المواطن والحكومة، لأن الأخيرة لا تستطيع أن تضع حارساً على كل شخص في الدوائر الحكومية وتراقب حركته من حيث العمل»، وأضاف «قد تكون هناك مسؤولية ملقاة على المواطن أن يعمل على الإبلاغ عن حالات الفساد المستشري في مفاصل
الدوائر الحكومية».
وتساءل: «ما الضامن أن يتم التعامل مع ذلك البلاغ بجدية ويتخذ بحق الفاسد الإجراء المناسب؟ لا سيما وأن المواطن أصبحت لديه ردة فعل من عمليات محاربة الفساد بعد أن رأى بأم عينه، المتهمين بسرقة القرن أحراراً، وتم العفو عنهم بعد أيام قلائل على وقوع الجريمة وسمح لهم بالسفر».
ودعا الزبيدي، الحكومة بأن «تكون أكثر صرامة في اتخاذ القرارات المناسبة بحق الفساد والفاسدين، قبل أن تحث المواطنين على مساعدتها في ذلك»، وأكد أنَّ «هذا فيه من الصعوبة الكثير على اعتبار أن حكومة السوداني استلمت تركة كبيرة من الحكومات السابقة، والفساد أصبح قوة نسجت خيوطها على جميع مفاصل الدولة، وتقطيع تلك الخيوط يحتاج إلى وقت طويل».
تحرير: محمد الأنصاري