مارك برايسون ريتشاردسون
لقد كان شرفاً حقيقياً أن أرحب بصاحبة السمو الملكي دوقة أدنبرة في العراق الأسبوع الماضي. تأتي هذه الزيارة بعد أسبوعين فقط من تتويج جلالة الملك تشارلز الثالث وتعد أول زيارة ملكية إلى بغداد وإقليم كردستان العراق، وهي تعكس قوة وأهمية الشراكة الحديثة
بين المملكة المتحدة والعراق.
إنَّ صاحبة السمو الملكي مناصرة لحقوق المرأة والمساواة في مكان العمل وفي جميع أنحاء المجتمع. نحن نعلم أنَّ البلدان لا يمكنها تحقيق إمكاناتها الكاملة إلا إذا كانت المرأة قادرة على لعب دورها الكامل في مجال الاقتصاد والسياسة والمجتمع على نطاق واسع. هناك أدلة قوية على شمول النساء في تحسين نتائج الأعمال التجارية للشركات، وجعل العملية السياسية والسلام أكثر استدامة وتأثيراً، وكذلك الإسهامات الكبيرة في مؤشرات التنمية، بالإضافة إلى ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية، فهذه كلها أسباب أخرى تجعل شمول المرأة يمثل أولوية رئيسية للحكومة البريطانية
داخل المملكة المتحدة.
قدمت المملكة المتحدة قانون العنف المنزلي قبل عامين وأجرت مراجعة شاملة للعنف ضد النساء والفتيات. لقد أحرزنا تقدماً ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به وما زلنا بعيدين عن الهدف الذي نود الوصول إليه. وإذ ندرك أنه في خطة العمل الوطنية المحدثة للمملكة المتحدة بشأن المرأة والسلام والأمن للفترة
2023 - 2027، هناك تركيز أكبر بكثير على المواضع التي تحتاج فيها السياسة المحلية للمضي قدماً، بما في ذلك الاعتراف بالدور الذي لعبته النساء من بناة السلام في أيرلندا الشمالية وما زلن يواصلن القيام به على الصعيد العالمي، مع بذل جهود كبيرة من قبل وزارة الداخلية ووزارة العدل ومكتب أيرلندا الشمالية.
بينما نتقدم في أجندتنا المحلية، فإننا حريصون على مشاركة تجربتنا والتعلم من الآخرين وتوحيد جهودنا مع الشركاء الدوليين الذين يسعون جاهدين لتعزيز شمول النساء والحد من العنف ضد النساء والفتيات. العراق هو أحد شركائنا ذوي الأولوية، كما هو الحال في مبادرة المملكة المتحدة لمنع العنف الجنسي في حالات النزاع. شهدت عقود من الصراع التي تسبب بها داعش مؤخراً للأسف، زيادة في العنف الجنسي المرتبط بالنزاع بالإضافة إلى القضايا المشتركة بالنسبة للمملكة المتحدة، مثل ارتفاع معدلات الاعتداء الجنسي عبر الإنترنت.
منذ عام 2019، دافعت صاحبة السمو الملكي عن أجندة المرأة والسلام والأمن ومبادرة حكومة المملكة المتحدة لمنع العنف الجنسي في حالات النزاع، مع التركيز على تعزيز وحماية النساء من بناة السلام ودعم جميع الناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، بمن في ذلك الأطفال المولودون من الاغتصاب.
خلال زيارتها إلى العراق، أتيحت للدوقة الفرصة لمناقشة هذه القضايا مطولاً مع حكومتي العراق وإقليم كردستان العراق ومع النساء والرجال في جميع أنحاء البلاد، وكذلك مع قادة في مجموعة من المجالات، وبناة السلام، والناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع والمدافعين الذين يسلطون الضوء على هذه القضية.
وشمل ذلك، الاستماع إلى الشهادات المروعة للناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع من مجتمعات الأقليات من الإيزيديات والشبك والتركمان اللواتي يمتلكن شجاعة لا تصدق، ولا يزلن يتعاملن مع تداعيات الصراع بعد ست سنوات من الهزيمة الإقليمية لداعش، بما في ذلك الانفصال عن أطفالهن
المولودين من الاغتصاب.
أطلقت حكومة العراق ستراتيجيتها الوطنية الخاصة بالمرأة وهي تمضي قدماً في تنفيذ قانون الناجيات الايزيديات.
في كل من بغداد وأربيل، هناك التزام واضح وإيجابي بمعالجة القضايا الصعبة المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن، ودعم الناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع وأطفالهن المولودين نتيجة الاغتصاب. إنَّ حكومة المملكة المتحدة تدعم هذه الجهود.
تفخر المملكة المتحدة بدعمها لتطبيق قانون الناجيات الإيزيديات، بما في ذلك إطلاق آلية الصحة النفسية والإحالة الذهنية.
من خلال برنامج “أصوات النساء أولاً” الممول من المملكة المتحدة، قمنا بدعم 22 منظمة لحقوق المرأة في إنجاز 29 مشروعاً يركز على المرأة والسلام والأمن في جميع أنحاء العراق بما في ذلك إقليم كردستان العراق، حيث وصل إلى أكثر من 21000 مستفيد بشكل مباشر.
تم تصميم أنشطة هذه المشاريع وتنفيذها من قبل المجتمعات المحلية لتحقيق أولوياتهم، سواء دعم الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال الحصول على استشارات السلامة العقلية والمشورة القانونية، أو التدريب على المهارات أو بناء السلام.
وشمل البرنامج أيضاً مشاركين من الرجال، على سبيل المثال من خلال ورش العمل التي تسلط الضوء على آثار العنف القائم على النوع الاجتماعي وأهمية وفوائد شمول المرأة بشكل كامل ومتساو وهادف في عمليات صنع القرار.
نحن على استعداد للقيام بالمزيد، بما في ذلك دعم الشركاء لاعتماد “مدونة مراد”، التي تم تطويرها بالشراكة مع الناجية الإيزيدية نادية مراد ومعهد التحقيقات الجنائية الدولية، الذي يوفر مدونة سلوكية قيمة تركز على الناجيات لجمع الأدلة لتحسين فرص تحقيق العدالة والحد من الصدمات، ومنهاج العمل بشأن الأطفال المولودين من العنف الجنسي في النزاع.
على الصعيد العالمي، تواصل المملكة المتحدة الدفاع عن حقوق ورفاه الناجيات، حيث أطلقت التحالف الدولي لمنع العنف الجنسي في حالات النزاع للجمع بين الدول والمجتمع المدني والناجيات لتطوير إجراءات أكثر شمولاً وتنسيقاً بشأن هذه الأجندة.
كان من دواعي سروري أن أنقل إلى حكومة العراق دعوة اللورد أحمد، وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا والأمم المتحدة في وزارة الخارجية والتنمية البريطانية وممثل رئيس الوزراء البريطاني المعني بقضايا منع العنف الجنسي في حالات الصراع، للمشاركة في التحالف. سلطت هذه الزيارة الملكية التاريخية الضوء على القوة المتنامية للعلاقة بين المملكة المتحدة والعراق، ويسعدني أنَّ التعاون في مجال المرأة والسلام والأمن سيكون عنصراً آخر في شراكتنا الحديثة الواسعة النطاق. هناك الكثير الذي يمكننا تعلمه من بعضنا البعض وتحقيقه معاً.
* السفير البريطاني في العراق