ربما كرر التاريخ نفسه لأكثر من مرة

آراء 2023/05/31
...

 رزاق عداي 

أعتقد أن العراقيين هم أول الشعوب التي يهمها التفاعل مع ما يجري بين روسيا واوكرانيا، على الاقل لأن ذاكرتهم ما زالت طرية تستحضر الخبز الأسود، الذي كانوا يقتاتون عليه بفعل الحصار الذي أطبق عليهم لسنوات طويلة، وربما مقولة إن التاريخ لا يعيد نفسه مرة ثانية، لا تمتلك اليقينية المطلقة، - فكم من مرة يكتب الافراد التاريخ بنزوة طارئة وتظل الاجيال تدفع الفاتورة المرة لاحقاب لاحقة

السيناريو الروسي للاجتياح يشبه إلى حد كبير ما حصل للعراق في اجتياحه لدولة تجاوره هي الأخرى، فهي ورطة كبرى في الحالتين، نزوات فردية تقرر مصائر شعوب وتضع العالم على حافة الهاوية، ففي 24 شباط 2022 امر الرئيس الروسي - فلاديمير بوتين - بغزو أوكرانيا من قبل القوات 

الروسية التي تركزت على طول الحدود بين البلدين، تبع ذلك قصف جوي شديد استهدف المباني العسكرية، وكذلك دخول الدبابات الأراضي الاوكرانية، وتتدهور البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بفعل الهجمات الالكترونية، ومع ذلك وفقاً لمراقب 

غربي فإ القوات الروسية تواجه مقاومة اكبر مما توقعت، لا يحق للروس التذكير باحداث تاريخية، وقعت في زمن القياصرة 

مثلا لتكون ذريعة لغزو أو اجتياح دولة مجاورة لهم، كما يرددون اليوم بحالة أوكرانيا في حقبة الامبراطورة (كاترين)، أو حتى في 

زمن الرفيق لينين، كما صرح بذلك (بوتين) قبل ايام سبقت الاجتياح، فجغرافية العالم متحركة وفقا للاحداث الضخمة،التي 

تفرزها الحروب العالمية الكبرى التي تبدل خرائط الجغرافيا والديموغرافيا معا، فالعراق مثلا لم يقبل بعائدية الموصل إلى 

تركيا في اعقاب الحرب العالمية الاةلى، رغم ادعاء الأخيرة بان قرار اطلاق النار للحرب العالمية الاولى اصبح ساري المفعول في عام 1918 والموصل تحت سيطرة القوات 

التركية.

الروس حتى في عهد القياصرة ينظرون بعين الاعتبار للأمن القومي ويولونه أهمية خاصة وبحساسية استثنائية، ناتجة عن الارض الشاسعة التي تنطوي عليها الاراضي الروسية والحدود، التي تمتد وتتلامس مع دول اخرى، فهي، أي روسيا، تمتد حدودها إلى اليابان ومنغوليا آسياويا، والى فنلدا أوروبيا. 

فهي في مماحكات واشكالات لا تنتهي مع دول مجاوروة لها، تأخذ طابعا تاريخيا وتتشبث بها كما حصل مع دول البلقان وجزيرة القرم، ودول البلطيق، ومع جورجيا، والصين وقبل ذلك مع اليابان، لا يمكن الركون إلى النتائج المتحققة لغاية الآن من الحملة العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، لان مايدور في ذهن الرئيس (بوتين) غامض لغاية هذه اللحظة، فاحتلال أوكرانيا بالكامل ليس واردا، وبوتين اذكى من ان يتورط حتى النهاية، فيكفي ان معارضة روسية داخلية من قبل رجال اعمال ظهرت إلى الوجود بالامس مع الطلائع البسيطة لقوانين العقوبات الاقتصادية، ربما الوقت ما زال مبكر للتكهن بما سيحصل في المستقبل القريب.