العراق ٢٠٣٠.. رؤية مختلفة

آراء 2023/06/01
...







 نرمين المفتي 


مبكرا بعد الاحتلال في 2003 ومع ازدياد شدة العواصف الترابية، ارتفعت اصوات تحذر بأن العراق لن يكون صالحا للحياة بسبب البيئة مع حلول سنة 2030! ولم يقصدوا الحياة البشرية فقط، انما حياة كل الأحياء من حيوانات ونباتات ايضا. ومنذئذ، نشرت مئات المقالات عما يحدث وسيحدث في العراق بيئيا والسلطات المختصة كعادتها، لا تقرأ وإن قرأت فلا تهتم، وبدت وزارة البيئة كديكور فقط لاستكمال متطلبات المحاصصة، بينما يتطلب الواقع البيئي في العراق وآثار التغيير المناخي عليه أن تكون وزارة سيادية. 

في شهر اذار الماضي، عقد مؤتمر (مناخنا حياة) في البصرة، والذي انتهى بتوصياته إلى ان «المناخ لم يعد مجرد قضية بيئية، بل أصبح قضية تنمية وأمن أساسية للجيل الحالي والاجيال القادمة»، و»دعوة مجلس النواب الموقر لتخصيص ميزانية وطنية لتغير المناخ في عام 2023 للبدء بتنفيذ أولويات المساهمة المحددة وطنيا»، لكن (مرصد العراق الأخضر)، اكد في بيان يوم الاثنين الماضي، عدم وجود أية تخصيصات مالية خاصة بالبيئة ضمن مشروع (الموازنة المالية 2023) وفات المرصد الاشارة إلى أن الموازنة التي تجري مناقشتها ومراجعتها انما هي لثلاث سنوات. واضاف في بيانه أن المرصد سيلجأ «للقضاء للطعن فيها» في حال تمرير الموازنة من دون اية تخصيصات استثمارية للبيئة ومكافحة تغيّر المناخ في العراق». واشار المرصد إلى أن «الأموال المخصّصة للبيئة هي ضمن الموازنة التشغيلية، أي رواتب ونفقات لوزارة البيئة وموظفيها». ولا يختلف المتابعون عن المرصد بقوله إن «الحكومة تُخالف برنامجها الحكومي في القضايا البيئية التي لها تأثير مباشرة في صحة الناس». 

لنتوقف قليلا عند (2030)، فهذه السنة تمثل انتهاء الدول الاعضاء في الامم المتحدة من خطة التنمية المستدامة، التي تبنتها الجمعية العمومية في 2015 وتتضمن 17 هدفا و169 غاية و٢٣١ مؤشرا، وتعرف هذه الخطة، كما يشير موقع الامم المتحدة إلى أنها خطة عالمية لإنهاء الفقر وحماية الكوكب وضمان الازدهار لجميع وبأهداف متكاملة وغير قابلة للتجزئة، وترتكز على الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وضعت غالبية الدول الاعضاء خططها وأعلنت عنها في وسائل الاعلام وبدأت عملها تحت عنوان مشترك (رؤية 2030)، وبين فترة وأخرى تعقد مؤتمرات وندوات للإعلان مما انتهت منه من هذه الرؤية، وأهمها الحد من الانبعاثات الصناعية والنفطية، التي تؤثر سلبا في التغيير المناخي والصحة والحياة عموما.. في العراق، لم نعرف شيئا عن (رؤية 2030)، سوى في الكلمة التي القاها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مؤتمر المناخ في البصرة والتي لن تتحقق بدون تخصيص موازنة لها.. وفي موقع (الامم المتحدة في العراق)، نرى أهداف خطة التنمية المستدامة 2030  وسنجد أن غالبيتها غير محققة في العراق حتى الآن. أن الاخبار التي تشير إلى الجفاف في العراق ونزوح آلاف الأسر من منطقة إلى اخرى، تحذر انه في حال استمرار الجفاف فان الهجرة ستكون إلى خارج العراق، ولكن في ظل الوضع العالمي الاقتصادي المعروف، نسأل مرغمين اية دولة ستستقبل الملايين من الأسر العراقية الباحثة عن الحياة؟ 

إن تحديد سنة 2030 كبداية لعراق غير قابل للحياة لم تكن بدون رؤية مستقبلية وتحذيرا للانتباه، فالتعيينات الأخيرة في المؤسسات العامة للخريجين واصحاب الشهادات العليا لن تقضي على الفقر، أي إنها لن تساعد في تحسين البيئة بكل جوانبها، ولا بد من جملة اعتراضية هنا، هل هناك من بين حاملي الشهادات العليا مختص بالبيئة وآثار التغيير المناخي وايجاد حلول للجفاف والفقر؟ طالبت شخصيا من خلال مقالات عدة بالانتباه إلى ارتفاع عدد السكان في العراق، ولا بد من وضع خطة لمواجهته، لكن لم يحدث شيئا، فنسبة الارتفاع السكاني تستمر في ظل جفاف مرعب يؤثر في الانتاج الزراعي والمياه الصالحة للاستخدام البشري.. لا بد العراق أن يكون مختلفا عن العالم برؤيته لعام 2030.