حسين رشيد
تعتمد قوة العملة الوطنية على ما يتوفر من ثروات واحتياطات طبيعية في مقدمتها النفط، والغاز، ومعادن أخرى متجددة مثل الثروة الحيوانية، والزراعية، مع حسن استخدمها واستثمارها في زيادة الدخل الوطني الذي يرفع من قيمة العملة الوطنية لكل بلد، يضاف إلى ذلك الأصول المالية والاحتياطات النقدية المحمية بما يتوفر من احتياطات الذهب، وقوة البلاد في القدرة الانتاجية في شتى القطاعات التي تسهم في حفظ قيمة العملة الوطنية عبر تدوالها محليا بكل التعاملات والتبادلات التجارية والسوقية اليومية للمواطنين.
تضع الدول سياسة نقدية وخطة مالية بشقين: بعيدة المدى لرفع قيمة العملة الوطنية، وقريبة المدى لحمايتها من أي انخفاض أو تدهور والإبقاء على قيمتها الآنية، وتذهب إلى استثمار الخيرات والثروات بالشكل الأمثل، وإن كانت لا تمتلك ثروات طبيعية مثل النفط والغاز والمعادن، لكنها قد تتمتع بثروات طبيعية أخرى أيضا من الأنهار والبحيرات، والغابات الواسعة، والجبال والصخور وغيرها من ثروات يمكن استخدمها في النشاط التجاري الخارجي، وإنتاج صناعات من هذه الثروات، التي سترجح كفة الميزان التجاري وزيادة الصادرات أمام ما يتم استيراده، ومن ثمّ زيادة الطلب على العملة الوطنية ورفع قيمتها أمام العملات الأخرى.
ونحن بحاجة في العراق كي ندعم عملتنا الوطنية الدينار ونرفع من قيمتها إلى دعم المنتج المحلي، الذي سيسهم بخفض ما يتم استيراده، وبوجه الخصوص الصناعات التي يمكن انتاجها في معامل حكومية أو تابعة للقطاع الخاص، وخاصة المواد الاستهلاكية البلاستيكية المنزلية، وبعض العدد الكهربائية والمواد الكمالية ومنجات الألبان وبعض أنواع الحلويات والمعجنات والصناعات الأخرى الممكن إنتاجها في البلاد، أو يتم إنشاء خطوط انتاجية مرخصة من الشركات المنتجة لبعض الصناعات، التي قد يصعب انتاجها في الوقت الحاضر، إذ يمكن خلال ذلك توفير مليارات الدولارات من استيرادات استهلاكية، والمساهمة في زيادة قيمة العملة الوطنية، وتفادي انخافضها أمام بقية العملات وخاصة الدولار الذي يعتمد عليه بالتعاملات كافة.
ولكي نعمل بشكل حقيقي على زيادة الإنتاج المحلي يفترض مراجعة العديد من قرارات الحاكم الأمريكي بول بريمر، الذي منع فيها تصدير أي منتجات عراقية بستثناء النفط، وهذا يعني عدم السماح بأي صناعات محلية، إذ يتم سد حاجة السوق وفق ما يستورد، ولأن طموحنا الآن لا يتعدى الحفاظ على قيمة الدينار أمام الدولار وزيادة الاحتياط النقدي المتأتي من مبيعات النفط، يحتم علينا إيجاد فرص للصناعات الوطنية الخفيفية والمتوسطة بشكل تدريجي، وهذا ليس بالأمر الصعب إذا أريد تحقيقه.