استثمروا عناد المرأة
عمر الناصر
منذ أن خلق الله الخلائق والنفس البشرية في صراع حقيقي بين الخير والشر، ومنذ ذلك الحين كانت وما زالت العدالة هي المرتكز المحوري والمفصلي، الذي يحدد اتجاه بوصلة الحق، الذي تستند عليه القوانين والتشريعات، التي تنظم وتقنن حياة الشعوب المؤمنة بالتعايش السلمي بين الافراد، ليجعل من ذلك تناغما بين مسيرة الحكومات ومدى امكانية تحقيق التطلعات المشروعة، التي تنعكس على شكل الواقع الاجتماعي، فأصبحت المشاركة في تحقيق الاهداف النوعية تأخذ لوناً جديداً لاستقرار المجتمعات المؤمنة بالديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة.
من يطلع على الكثير من القرارات الجريئة في الحياة السياسية في الدول المتحضرة سيجد وراءها بصمة حقيقية للمرأة، سواء كان ذلك بصنع القرار السياسي أو التنفيذي والتشريعي والقضائي، وهنالك أمثلة لا تعد ولا تحصى لنماذج حقيقية للمراة الحديدية لدى تلك الدول.
لقد حققت المرأة وثبات نوعية في ملفات مكافحة الفساد في الكثير من المحافل الدولية والمحلية، حتى بدأت تعتلي سلالم المجد والرفعة دون ضجيج من باب أصمت ودع عملك يتكلم، وفرضت نفسها بقوة على أرض الواقع، رغم الاكتناز القسري للكثير ممن لم يكونوا اهلاً للمسؤولية في تسنم المراكز والمناصب القيادية أو الريادية.
تعتبر مهمة مكافحة الفساد في جميع دول العالم مهمة حساسة وشائكة ومعقدة، لما فيها من تشابك وارتباط واضح وحقيقي مع السياسة، التي أصبحت للأسف الشديد بمثابة المعوّل الذي يهدم ويقوّض الجهود الرامية لبناء مرتكزات اسمنتوفولاذية تدعم أهداف الشفافية والنزاهة.
اذا امعنا النظر للطبيعة الفسيولوجية والسايكولوجية للمرأة القيادية، سنجد بأنها قادرة على الولوج لعمق الازمات وتفكيك خوارزميات وعقد ربما غير متوفرة لدى آدم، بل لديها القدرة والعناد على اتخاذ القرارات الوطنية المصيرية والحساسة، دون الركون إلى عامل التردد أو الخوف أو الوجل من التأثيرات الجانبية، التي ربما تعصف بحياتها العملية جراء تلك القرارات المتخذة، لذلك بات من الملزم اليوم ان نزج بها وندعمها على تحمل مسؤوليتها الوطنية والشرعية والاخلاقية في كبح جماح الفساد، الذي يعد من أهم الاهداف الاستراتيجية، التي تذهب باتجاه بناء دولة المؤسسات، التي تستند إلى مبادئ الحكم الرشيد، لقد ظهر الفساد في البر والبر، حتى أصبح بمثابة الغدد السرطانية التي تنهش بجسد الدولة العراقية، وكلما تأخرنا عن الذهاب إلى حلول واقعية غير ترقيعية، كلما زادت الفجوة واتسعت الهوة بين المواطن والمؤسسات الرقابية، وزاد من انخفاض منسوب فقدان الثقة بين القائمين على ملف مكافحة الفساد والشارع العراقي.
لقد حققت المراة نجاحات متميزة في الكثير من المجالات وللتاريخ شواهد عديدة، ابتداءً من العصر الفيكتوري، وانتهاءً بالمستشارة انجيلا مريكل.
نحن أمام امام مهمة عظيمة ومسؤولية تاريخية كبيرة، لجعل المرأة شريكة في جميع الجهود التي تبذل في مكافحة الفساد، وتغيير النظرة النمطية التي تؤمن شكلياً بعدم جعلها ركناً مهما في اعادة بناء الانسان العراقي من جديد.
لقد حان الوقت لدك اسس الوعي والخروج من شرنقة الانعزال المجتمعي والقهقهر الفكري اللامحدود بهدف الاستئثار بالقرارات المهمة وتحجيم قدراتها وامكانياتها وعدم استثمارها في مكافحة الفساد ومساندتها لشركاءها من بني آدم، لايقاف جميع محاولات التهميش أو الإقصاء أوالذهاب لتدجين افكارها داخل صناديق هلامية لا تصلح.