عروضٌ مصرفيَّة لمشاريع استثماريَّة

آراء 2023/06/08
...







 حسين رشيد

يتمنى المواطن العراقي أن تحل أزمة السكن ويحظى بمسكن لائق للعيش يحترم خصوصيته ويؤمن مستقبل أولاده، وتعمل الحكومة على إنهاء أزمة السكن وفق ما متاح لها، وما يتم الإعلان عنه من مدن جديدة وتوزيع قطع الاراضي على المستحقين ممن لا يملكون عقارا. لكن متى تتحقق أمنية المواطن وكيف ستحل الحكومة تلك الأزمة، التي يبدو أنها ستبقى مستعصية كما أزمة الكهرباء، إن لم تكن اشد منها، أو أنهما يسيران بالتوزاي ففي حال حل أزمة السكن وتوفير 4 ملايين وحدة سكنية كما تذكر ذلك التقارير الحكومية، سنحتاج لزيادة مضاعفة عما ينتج الآن من الكهرباء، فضلا عن الأربعة ملايين وحدة هناك 6 ملايين عراقي يعيشون في العشوائيات.
تنوعت المبادرات الحكومية في محاولات إنهاء الازمة أو معالجة ما يمكن منها ولو على مراحل، إلا أن كل تلك المحاولات كانت شبه قاصرة عن ايجاد حل يمكن أن يسهم بمعالجة توفر السكن اللائق للشرائح الاجتماعية، ذات الدخل المحدود والموظفين والكسبة، ممن يسكنون بالإيجار الشهري في شقق ومساكن بمساحات صغيرة. أغلب تلك المبادرات كانت عبر توفير قروض مصرفية لبناء أو شراء وحدات سكنية وبشروط تعجيزية، ونسبة فائدة تصاعدية أجبرت الكثير، ممن يطمحون بشراء مسكن تأجيل ذلك إلى حين مقبل قد يطول لسنين اخرى في ظل التخبط وعدوم وضوح الرؤية بحل أزمة السكن.
سبق وإن قرر البنك المركزي العراقي زيادة تخصيصات مبادرة الإسكان للمصرف العقاري وصندوق الإسكان بمبلغ (2,6) ترليون دينارعراقي، وقد تمَّ توزيع المبالغ بواقع (1,5) تريليون دينار للمصرف العقاري، و(1,1) تريليون دينار لصندوق الإسكان، لكن دون أي اثر واضح في أرض الواقع، كما أعلنت المصارف الرئيسة، وبالاخص مصرف الرافدين عن عدة عروض لقروض مالية للمساهمة في حل ازمة السكن، لكن في الغالب تفشل تلك العروض بسبب الشروط التعجيزية أولا، ونسبة الفائدة العالية ثانيا، وقصر مدة السداد، وارتفاع القسط الشهري، الذي يستهلك النسبة الاكبر من راتب الموظف المقترض، بالتالي يضطر للبقاء في مسكن مستأجر بانتظار، أي حل يمكن يسهم بحل معضلة السكن في البلاد.
 تنتشر في العاصمة بغداد العديد من مشاريع الإسكان، وفق البناء العمودي الإستثمارية التي حصل المستثمر على الأرض مجانا، ويحصل على الدولار بسعر البنك المركزي الرسمي، لشراء مواد ومستلزمات البناء، لكنه يعرض الشقة بأسعار خيالية يصل فيه سعر المتر الواحد إلى 2000 دولار وأكثر لبعض المشاريع، ورغم عدد تلك المشاريع إلا أن الإقبال عليها ضعيف بسبب الأسعار والتخوف من الإجراءات الخاصة بتملك الارض وإعطاء سند للمشتري، الأمر الذي جعل تلك المشاريع الإسكانية متاحة للأثرياء من محافظات البلاد، وللمتمكنين ماليا من سكنة العاصمة، وهم في الاغلب يشغلون مناصب ادارية عليا في الدولة أو ممن يعملون في القطاع الخاص، أو لمن يرغب باستثمار أمواله في العقارات.
مجمعات خارج معايير التخطيط العمراني لمدينة بغداد شيدت على حساب مساحات التشجير (متنزهات/ مناطق خضراء) أو خدمات (مستوصف/ مدارس)، اغلبها يشرف على مناطق سكنية افقية حرمت اسطح المنازل والباحات على اهلها وانتهكت خصوصية العائلة البغدادية، وزاحمتهم بالخدمات بل فضلت عليهم من ماء ومجارٍ وكهرباء وحتى الخدمات الصحية، علما أن الاعلانات هذه المجمعات، تضم مستوصفات ومراكز صحية ومدارس وغير ذلك من خدمات لا أثر لها.
مؤخرا اعلن مصرف الرافدين عن منح قروض 100- 150- 200- 250- 300 مليون دينار عراقي مدة السداد 20 عاما، وبفائدة سنوية 6% يتم احتسابها بطريقة القسط المتناقص، أو 3% وفق القسط الثابت وحسب رغبة الزبون بأي طريقة يريد أن ينحر على قبلة قروض الرافدين الخاصة فقط بشراء الواحدات السكنية في المشاريع الاستثمارية، الامر الذي يثير أكثر من علامة استفهام حول الموضوع، علما أن القرض يذهب مباشرة إلى المستثمر ويقال إنه يستلمه بالدولار لتسهيل شراء مواد البناء كما يفسر الأمر، الغريب إن إدارة المصرف لم تعلن عن نتائج مبادرات القروض السابقة، وكم ساهمت بحل أزمة السكن أو حتى خففت من وطأتها على المواطنين.
لن يجدي أي حل أو مبادرة قروض أو منح أو تخفيض اسعار الواحدات في المشاريع الاستثمارية، دون توزيع قطع أراضٍ أو بيعها بأسعار مدعومة من الدولة في محيط العاصمة، مع اطلاق القروض العقارية الميسرة دون فؤائد وزيادة مدة السداد إلى 25 عاما، وقبل ذلك يتم الاسراع بتوفير الخدمات والبنى التحتية من ماء وكهرباء ومجارٍ، وذاك أيسر واسهل من منح القروض..
غير هذا كله هواء في شبك