رشيد العزاوي
قد يصاب المتابع لنشرات الأخبار، والتقارير المحلية منها والدولية، بالكثير من القلق والترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في العراق، فليس كل ما يقال خطأً، أو ضمن الحملة الممنهجة التي تحدثنا عنها في مقالٍ سابق.
ولعل أكثر ما يمكن الانتباه إليه الحديث عن جانبين أساسيين:
الأول: هشاشة الوضع الأمني.
الثاني: مستقبل العراق الاقتصادي.
وإذا كان الأمر الأول يستشعر بين الحين والآخر بالهجمات التي تنفذها المجاميع الإرهابية، فإن المسألة الثانية قد تبدو أكثر خطورة، لا سيما أنها غير ملموسة كثيراً في الوقت الراهن، ونتائجها التي يُحذر منها مستقبلية وليست آنية.
إن الركون إلى حالة الهدوء بعد مرحلة تحرير المحافظات العراقية من براثن داعش، وعدم الشروع بمعالجة جوانب الخلل السابقة، والانتباه المستمر إلى الخلايا النائمة هنا وهناك، قد يوقعنا في مشكلة كبرى تعيد السيناريوهات المؤلمة التي مرت على أبناء شعبنا وبلدنا العزيز.
مثلما أن الارتياح للواردات الحالية من مبيعات النفط، وتحويلها بالمجمل إلى الإنفاق على الرواتب، وعدم خلق بديل عن حالة الاعتماد الكلي على النفط، واثقال الموازنات بالمزيد من الوظائف التي يتفق الجميع على أنها باتت عنواناً براقاً لحالة البطالة التي تزيد من أعباء الدولة، وحالة عدم استقرار أسعار صرف الدولار على الرغم من كل الجهود الحكومية، وعدم إدراك المتغيرات الدولية التي تبقى مستمرة، قد يوصلنا في نهاية المطاف إلى دفع ثمن باهظ وكبير يصيب البلد بأكمله بحالة شلل اقتصادي لا مثيل لها. ومع ذلك لا ينفع بنا كوننا أبناء هذا العراق، وجزءا أساسيا من حالته السياسية، ألا نتحمل مسؤولية المعالجة، فليس مقبولاً لنا دق نواقيس الخطر لوحدها، فذلك لن ينفع شيئاً ولن ينقذنا مما نسير إليه، مثلما أن رسم الصور الوردية لواقع ما زال قاتماً لن يكون حلاً، بل هي حالة التوازن بين التنبيه والعلاج، وذلك لن يكون إلا بإدراك أن الفرصة لا تزال سانحة لنا، للاستدراك والمعالجة. ومن هنا تغدو الحاجة ماسة إلى تضمين العمل الحكومي اليوم المزيد من الخطوات والمشاريع الكفيلة بتدارك كل جوانب الخلل، وادامة ما تم البدء فيه من خطوات اصلاح المؤسسة العسكرية، وتنشيط العمل الحكومي، وتهيئة البيئة المحفزة للعمل والاستثمار، وتشجيع خطوات الإنتاج المحلي لتوفير البديل عن الاستيراد المكبل بالقيود لاقتصادنا حالياً.
إن مستقبلنا جميعناً مرهون بتعافي العراق، وذلك عنوان عمل ضخم وجبار يشترك فيه الجميع، فلنبادر بوضع أولى خطواته، والتحلي بالشجاعة للتنفيذ مهما كانت العقبات، والعمل وفق توقيتات زمنية صارمة وليس حالمة، حتى لا نفاجأ بلحظة الحقيقة التي لا يكون معها سبيل للمعالجة ولا الفعل مهما تكن النوايا والأمنيات خالصة.
* الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي