طريق التنمية.. ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي

آراء 2023/06/12
...

  عباس الصباغ
لعقود طوال ظلت فكرة الاقتصاد المستدام غير النفطي بالابتعاد عن الريع تراود مخيلة جميع العراقيين، وها هي الفكرة جاءت تباشيرها بخارطة طريق بواسطة مشروع التنمية.
الذي أطلقه رئيس الوزراء السوداني عن طريق الربط الاقليمي، الذي يخدم العراق وجيرانه والمنطقة، ويسهم في جمع جهود التكامل الاقتصادي، وكان السوداني قد افتتح مؤخرا مؤتمر طريق التنمية بحضور وزراء نقل وممثلين عن 10 دول من الجوار ومجلس التعاون الخليجي، ومشاركة ممثلين عن البنك الدولي والاتحاد الأوربي، مؤكدا على دور ممثلي تلك الدول في إنضاج تلك التفاهمات، لوضع خارطة طريق عملية للانتقال إلى حيز التنفيذ والمباشرة بتنفيذ الأهداف.
المشروع سينطلق نحو شراكة اقتصادية مع دول الجوار والإقليم، وأن دول المنطقة (ومنها العراق)، ستتحول بفضله إلى مصدر للصناعات الحديثة والبضائع معتمدة في كل ذلك على ممرات متعددة وبأكثر من 1200 كيلومتر من خطوط السكك الحديد، وتشغيلها البيني المشترك ومثلها من الطرق البرية السريعة، وهو ما كان يعرف بالقناة الجافة، الذي هو شبكة من خطوط السكك الحديد والطرق السريعة، التي تربط ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة بالحدود التركية ليشكل بذلك حلقة وصل بين تجارة الشرق والغرب، ويمتد الطريق عبر خطين للنقل الأول مخصص للشاحنات لنقل البضائع والآخر للسكك الحديد لنقل البضائع والركاب، ويمر عبر 10 محافظات عراقية تتخللها العديد من المحطات، وتقدر تكلفة تنفيذ المشروع بحوالي 17 مليار دولار، منها 10,5 مليارات دولار لشراء قطارات كهربائية سريعة والبقية لمد شبكة سكك الحديد وإنشاء البنى التحتية الأخرى للمشروع، ومن المتوقع أن يحصل العراق على عائدات سنوية تقدر بنحو 4 مليارات دولار من المشروع إلى جانب تأمين نحو 100 ألف فرصة عمل جديدة على طول خط المشروع، اضافة إلى وضع استراتيجية ليكون العراق معبر الترانزيت الاقليمي الاول، من خلال مبادرة نقل اقليمية واسعة تشمل معابر الطيران التجاري الآمن, ومعابر النقل البري للشاحنات والمركبات ومد خطوط سكك القطار للحمولات والنقل العام والتركيز على ان يكون العراق نقطة الاتصال الاقليمي وتلاقي المصالح الاقليمية اقتصاديا، وسيكون المشروع مبادرة عراقية للنقل التجاري بجميع انواعه على غرار مبادرة النقل الصينية (الحزام والطريق)، ناهيك عن ربط ميناء الفاو الكبير بتركيا، وصولا إلى أوروبا وستتكامل معه المدن الحضرية ذات البنى التحتية المتكاملة.
 المشروع الذي من المؤمل ان ينتهي في 2028 تمت دراسة استعراض المسار، الذي يبتدئ من ميناء الفاو وتكامله مع موانئ المنطقة، وصولاً إلى الحدود التركية، والجدوى ونتائج العمل مع الجهات الاستشارية، والجدول الزمني للتنفيذ، والعوائد المالية التي يوفّرها، والبيانات المتعلّقة بكلّ تفاصيله، كما انتهى المؤتمر بتشكيل لجان فنية لوضع التصوّر الكامل عن طبيعة وحجم مشاركة الدول في هذا المشروع الحيوي الاستراتيجي المهم.
أهمية المشروع عراقيا التأكيد على تنوّع قطاعات النقل والصناعة والزراعة والطاقة المتجددة، وما سيُتاح من استثمارات في المطارات والقطارات السريعة والطرق البرية، والأهم من كل ذلك انه سيحول العراق إلى بيئة جاذبة للاستثمار، عسى ان تكون خارطة طريق في سبيل الابتعاد عن الريعية، التي ابتلي بها الاقتصاد العراقي منذ ان تم تصدير النفط لأغراض تجارية.