وليد خالد الزيدي
مما لا شك فيه أن بلدا كالعراق يهمه كثيرا استقرار محيطه الإقليمي وتجذير علاقاته مع عمقه العربي، ودول الجوار المؤثرة في شؤونه السياسية والاقتصادية والأمنية، بما يحقق ارادة الشعب، ويصوب توجهات حكومته نحو اهدافها المرسومة، ولتحقيق ذلك كان لا بدَّ من تعزيز دوره في لعبة التوازنات الثنائية في علاقات البلدان القريبة أو المحيطة به في وقت تتجه خلاله الأزمات الدولية إلى التعقيد والتقاطعات في وجهات النظر وتضارب المصالح، بينما يشهد العراق فسحة من التوجهات والتطلعات على المستوى السياسي، لأخذ مكانته الريادية كمحور عربي وإقليمي واستنهاض دوره كراعٍ للمحادثات الثنائية بين الأطراف المتخاصمة، لا سيما في حلحلة عقد الأزمة بين السعودية وإيران من جهة وبين سوريا ومحيطها العربي من جهة
ثانية.
توجهات العراق تلك وهذا الدور المحوري إنما ينبع من ثوابت سياسته الخارجية، وتطلعات الشعب الذي يهمه اكتساب بلده سمعة طيبة واعادة ثقة المحتمع العربي والدولي به، بما ينعكس ايجابيا على مجمل شؤونه الداخلية وإبراز صورته الحقيقية، لتعطي مؤشرات واضحة على طبيعة النهج السليم، الذي تتبناه سياسته الخارجية في الظروف الحالية ومستقبلا وبهذا يكون العراق قد أشرف على فتح قنوات التواصل مع مختلف الفاعلين الإقليميين والدوليين، ولعب دورا بارزا في صياغة جوانب مهمة للتقاربات الثنائية في العلاقات الدولية، كما ساهم في ترتيب المصالحات بين الخصوم في المنطقة العربية ودول الجوار.
كما يبدو أن العراق بعدما أثبت توجهاته البناءة في علاقاته الخارجية وتوطيد دعائم السّلام وإعادة الاستقرار، وترسيخ الأمن وحرصه على تجسيد لغة السّلم، بدلًا من الصراع والتّعاون بدلًا من التوتر بين الدول، فإن هناك مكتسبات وطنية كبيرة من اتفاقات سياسيَّة واقتصاديَّة وتنمويَّة منها خلال الفترة السابقة، ومنها ستتعزز مستقبلا بشكلٍ كبير، ومن ثمرات تلك التوجهات توقيع شراكة عراقية مع الجانب السعودي، لإنشاء مشروع تنموي ضخم ومجمعات سكنية كبيرة قرب مطار بغداد الدولي، فضلا عن زيارات تخصصية من الجانب الشقيق لتبادل الخبرات وتعاون ثنائي في المجال الصحي والتخصصات الدقيقة وتحريك الربط الكهربائي بين البلدين، وكذلك مشاريع العمل المشترك بين العراق والاردن في مجال الطاقة الذرية واستخداماتها العلمية والأكاديمية السلمية وآفاق التنسيق، بشأن البحث العلمي والتدريب والزيارات والبرامج المتبادلة، كما اتسعت دائرة المنافع الوطنية بالاتفاق العراقي ـ السوري للتنسيق والتعاون في مكافحة المخدرات
والإرهاب.
وتزايد رغبات دول مجلس التعاون الخليجي لتوطيد العلاقة مع العراق كالامارات وقطر، واخيرا دعوة سلطنة عمان لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني لزيارتها، وذلك يؤكد حرص قيادة البلد الشقيق على إدامة التعاون على مختلف الصعد والمجالات مع العراق، الذي مثل بمضيه في تلك السياسة بعدا استراتيجيا لتعزيز الشراكات مع كل الأطراف، لا سيما جيرانه والدور الحيوي الثابت في مواقفه على طوال سني الأزمات التي مرت بها المنطقة.