غفران حداد
في 21 من حزيران/ يونيو الحالي تمرّ الذكرى 22 على رحيل الفنانة سعاد حسني التي رحلت في يوم الخميس من التاريخ المذكور لعام 2001، في التاسعة وخمس وثلاثين دقيقة مساءً، لقب السندريلا عبَّر عن قدراتها المميزة بين ممثلات جيلها، احترفت التمثيل وأجادت الغناء وتميزت بقدراتها الاستعراضيَّة لتفوز بلقب سندريلا الشاشة العربيَّة.
اكتشاف موهبتها
اكتشف موهبة سعاد حسني الشاعر عبد الرحمن الخميسي الذي أشركها في مسرحيته (هاملت) لشكسبير لتؤدّي دور “ أوفيليا “ ثمَّ ضمَّها المخرج هنري بركات لبطولة فيلم “حسن ونعيمة” عام 1959 ثمَّ توالت بطولاتها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وصل رصيدها السينمائي لـ(91) بالإضافة لمسلسل تلفزيوني واحد (هو وهيّ) مع الفنان الراحل أحمد زكي إلى جانب ثماني مسلسلات إذاعيَّة منها “الحب الضائع”، “من أنا”، “أيام معه”، “لا شيء مهم”، “الشيطان يعود”.
شخصيات في الذاكرة
أمتعتنا خلال مشوارها الفنّي بعددٍ من الشخصيات السينمائيَّة التي ما زالت عالقة في أذهان الجمهور مثل شخصيَّة “سميحة” التي أدَّتها في فيلم “إشاعة حب” أمام عمر الشريف وهي فتاة مراهقة تقع في غرام ابن عمِّها الخجول، وذات اسم الشخصيَّة في فيلم “صغيرة على الحبّ” أمام رشدي أباظة وتنكرت في زيِّ طفلة حتى تتمكن من دخول الوسط الفني عبر مسابقة، أمَّا شخصيَّة “سلوى” فقدّمتها في فيلم “للرجال فقط” جسَّدت دور مهندسة تتنكر برفقة صديقتها “إلهام” (نادية لطفي) في زيّ رجال للعمل في الصحراء، أما أشهر أدوارها على الإطلاق فشخصيَّة “زوزو” وكانت في فيلم “خلي بالك من زوزو” أمام الفنان حسين فهمي، وقد أبدعت بأداء فتاة جامعيَّة تتحدّى ظروف أسرتها التي تنتمي لشارع محمد علي، أيضاً لا ينسى الجمهور شخصيَّة “أميرة” في فيلم “أميرة حبي أنا” أمام حسين فهمي أيضاً وكانت أغنية الفيلم “الدنيا ربيع” تُذاع مع بداية كلِّ فصل ربيع عبر فقرات البرامج الإذاعيَّة والتلفزيونيَّة العربيَّة.
علاقة سعاد بالشاعر صلاح جاهين
“وَقَف الشريط في وضع ثابت، دلوقتي نقدر نفحص المنظر، ما فيش ولا تفصيله غابت، وكل شيء بيقول وبيعبّر” هذا المقطع من قصيدة شعر “أنغام سبتمبرية” للشاعر الراحل صلاح جاهين ضمن مجموعة قصائد ألقتها سعاد حسني بصوتها وسجَّلت أشعاره لهيئة الإذاعة البريطانيَّة، ربطت صداقة قويَّة بين جاهين والسندريلا، وقد حظيت فيها بأبوّة صلاح ومحبّته وهو الذي كتب لها فيلم “خلي بالك من زوزو” و”أميرة حبي أنا” وكلاهما حقق جماهيريَّة عالية في مصر والعالم العربي، وكانت سعاد بعلاقة فولاذيَّة مع جاهين بل وتُطلعه على أدقِّ أسرارها وتأخذ بمشورته وعدّته الأب الروحي لها، وقالت عنه في أحد لقاءاتها التلفزيونيَّة: “من حسن حظي أنني عرفت صلاح جاهين، واقتربت منه، وتعلّمت دروساً سَرَتْ في شراييني، لا يمكن أن أحدّدها في كلمات”.
من الذي أحبّته سعاد؟
أحبَّها كثيرون من نجوم فنّ وشعراء وجماهير لكن من حبيب سعاد حسني؟
تؤكد الأخت غير الشقيقة جانجاه عبد المنعم أنَّ سعاد حسني تزوجت خمس مرات، الأول كان عرفيّاً من الرجل الذي أغرمت به الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، ودام زواجهما قرابة 6 أعوام، ليفترقا عام 1965 لتتزوَّج بعد عام من المخرج صلاح كرم لمدة عامين تقريباً، واقترنت بعدها بالمخرج علي بدرخان 1970 واستمرَّ زواجهما 11 عاماً وافترقا عام 1981، وفي العام نفسه تزوّجت من زكي فطين عبد الوهاب وقد انفصلا بعد أشهر قليلة، ليكون آخر أزواجها عام 1987 من الكاتب والسيناريست ماهر عوّاد وبقيت مرتبطة به حتى وفاتها.
غناء سعاد حسني بألحان عراقيَّة
بعد رحيل السندريلا تمَّ طرح أغنية عبر منصّة (يوتيوب) بعنوان “فاكر ولا ناكر” كلمات صلاح جاهين وألحان الموسيقار العراقي هلكوت زاهير وتوزيع يحيى الموجي، وظهرت الأغنية للمرّة الأولى في افتتاح دورة مهرجان شرم الشيخ للسينما الآسيويَّة 2001 وكان لقاء الموسيقار العراقي بالراحلة بين بروفات تسجيل وحفظ الأغنية لها قبل تسعة أشهر تقريباً من سقوطها المفجع من شرفة الشقة التي تقيم فيها، ووفاتها قد منعت من ظهور الأغنية في حياة سعاد حسني، مطلعها يقول:
إن كنت فاكر قول
وإن كنت ناكر قول
جاوب قوام على طول
ولا إنت يمكن مش مذاكر؟
رحلة المرض والموت
خلال تصوير الراحلة حسني مسلسل (هو وهيّ) ظهرت عليها أعراض تآكل في فقرات الظهر، وتفاقمت أوضاعها الصحيَّة بعد أدائها تصوير فيلمها الأخير “الراعي والنساء” مما اضطرّها للسفر إلى فرنسا لإجراء عمليَّة جراحيَّة عاجلة ولكنها لم تنجح، لتصاب بشلل في الوجه نتج عن التهاب فيروسي في العصب السابع، ليزداد وضعها الصحي سوءاً بعد رحيل والدتها، لتصاب بنكسة صحيَّة أجبرتها على السفر إلى لندن، كانت تأمل السندريلا بالعودة من رحلة علاجها الطويلة إلى مصر والعودة للسينما عبر فيلم سينمائي كبير كان من المفترض أن يشاركها بطولته أحمد زكي وحسين فهمي ومحمد هنيدي، لكنَّ سقوطها المفاجئ من شرفة صديقتها في الدور السادس من مبنى “ستيوارت تاور” أثار جدلاً كبيراً بين محبيها عن حقيقة انتحار أو قتل متعمد لروح السندريلا.
ردود نجوم الفنّ بعد وفاتها
قال الفنان الراحل أحمد زكي عن رحيلها: “لم احتمل نبأ وفاة سعاد حسني، إنها صاعقة أصابت روحي”، بينما قالت الفنانة منى زكي التي مثَّلت دور سعاد حسني في مسلسل السندريلا: “بعد أن قرأت سيرتها أصبحت على يقين بأنها لم تنتحر، بل كانت محبة للحياة بقوّة ومتفائلة جداً”، بينما قال الفنان حسين فهمي الذي شاركها بطولة عدة أفلام: “خسر الفنُّ المصري فنانة ليس لها مثيل في تاريخ السينما منذ نشأتها في أكثر من شيء، مثل تثقيفها لذاتها وموهبتها وروحها وإنسانيتها وتنوّع أدوارها ورفضها الزيف”.
جنازة مهيبة
في ذكرى رحيل سعاد حسني من كلِّ عام يتابع محبوها عبر منصة (يوتيوب) من جديد الموكب المهيب الذي خرج فيه عشرات الآلاف من المصريين المغتربين والعرب لتشييع سعاد حسني، وقد وشّح جثمان الراحلة بالعلم المصري وأقيمت الصلاة على روحها في مسجد مصطفى محمود قبل أن تدفن في مقابر أسرتها بالقرب من مدينة السادس من أكتوبر، رحم الله أميرة القلوب السندريلا سعاد حسني وستظل أعمالها ومشوارها الفني الجميل خالداً في قلوب محبيها.