من بعض آثام السياسة

آراء 2023/06/14
...

 د. علي كريم خضير

من المفارقات العجيبة التي اعتدنا أن نراها في المشهد السياسي، والتي تختلف تماماً عن كل التجارب العالمية، هو تهافت بعض السياسيين في العراق على المشاركة في الانتخابات البرلمانية وسباقهم المحموم الذي تتقطع من أجله الأنفاس للفوز بقصب السبق، واحتلال المواقع المتقدمة كي يصبح الوصول إلى السلطة في متناول اليد، وبالتالي سيكون المغنم بحجم هذا اللهاث، وبوابةً للثروة والسلطة في الوقت ذاته.
وقد لا تخفى هذه الأهداف عن أبسط مواطن عراقي في أقصى القصبات والأرياف والبوادي؛ لأنها عاشتْ وعشنا معها، فأصبحت عُرفاً سياسياً لدى البعض لم يخجلْ منه قطُّ، بل يحسبه نوعاً من الدهاء.
وبعد أن تمخضت التجارب الواحدة تلو الأخرى عن اخفاقات ظاهرة تراجعت على أثرها نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية، على الرغم من حشد القناعات- فيما بعد- بصحة ما أفرزت عنه من نتائج.
هذه العملية التي يشوبها الغموض، لاشكَّ إنَّها ستتضح عن مخرجات غير متكاملة في تدارك أزمات البلاد، أو بناء منظومة اقتصادية، أو سياسية، أو اجتماعية تجعل من الوطن هو المركز الذي تدور حوله رابطة المواطنة الفاعلة التي ينبغي أن تتآلف فيها البُنى السياسية جميعاً لمواجهة التحديات بصدق الإنتماء، ووحدة التنوع.
إذ إنَّ الوقائع المطروحة عبر كثير من المعطيات وأبرزها(قوانين الموازنات السنوية)، التي يشتعل الجدل بشأنها شهوراً طويلة في كل مرة حتى تنتهي بحلول ترقيعية لا تحقق العدالة في معظمها.
 هذه كلُّها مصاديق غير قابلة للطعن والنقاش عن جذام الهوية الوطنية لهذا السياسي أو ذاك، لا سيَّما في مدى تعاطيه مع الإشكاليات التي تفرزها التجاذبات، أو إدارة الدولة هنا وهناك.  وربَّ الأنكأ في ذلك، أن تجد السياسي الذي لايحظى بالفوز في الانتخابات، أو الفوز بالترشح لمنصبٍ ما، يُكيل اللوم والتُّهم على العملية السياسية في المحافل الداخلية والخارجية، أو اللقاءات مع الصحف العالمية، بل هو ينسف العملية نسفاً من الجذور، وكأنَّه لم يكن في يومٍ ما جزءاً منها.
وهذا هو حال السياسي عندما يفقد أخلاقه وقيمه وثوابته الوطنية ليفعل مايحلو لهُ، متوهماً أن التأريخ لن ينصف الرجال.