تظاهرات تطالب بالتعيينات وليس لتوفير فرص العمل

آراء 2023/06/14
...

عبد الحليم الرهيمي
انطلقت في الأيام الأخيرة وبأربع محافظات، تظاهرات يطالب المشاركون فيها بالتعيين كموظفين على ملاك الدولة، ولم يكن بين أهدافها وشعاراتها المرفوعة بمطالبة الدولة وسلطتها التنفيذية بتوفير (فرص عمل) لهم خارج ملاك الدولة.وثمة فرق كبير بين التعيين على ملاك الدولة، وبين ايجاد فرص عمل خارجه، تستطيع الدولة والحكومة المساعدة الجادة، والممكنة لتوفير مثل هذه الفرص، سواء بالتنسيق مع القطاع الخاص أو إيجاد المؤسسات الاقتصادية القادرة على استيعاب عشرات، إن لم نقل، مئات آلاف فرص العمل لخريجي المؤسسات التعليمية، بل وحتى لآلاف الايادي العاملة، التي تتطلع للحصول على فرص عمل تعيش وأسرها من الدخل الذي توفره، فضلاً عن بعض (الامتيازات).
وبتأكيدات معظم خبراء الاقتصاد الذين يعبر الكثيرون منهم عن اعتقادهم هذا بخطا لجوء الحكومة الحالية، وكما بعض أو جميع الحكومات السابقة إلى تعيين مئات الآلاف من الخريجين، وغيرهم في مؤسسات الدولة ومنها الاجهزة العسكرية والأمنية، وذلك بالرغم من ان هذه المشكلة لم تكن بالحدة والتفاقم كما هي عليه الان.
ومرد هذا الاعتقاد بان قرارات التعيينات على ملاك الدولة الذي تمت لاسباب سياسية سيفاقم بشكل مروع من حجم البطالة المقنعة، والتي لم تعد مقنعة، بل ظاهرة بشكل رهيب ومرعب، لما سيترتب عليه في المستقبل القريب من عجز حتى عن تسديد الرواتب، حيث ستفاقم هذه الحالة من ضخ مئات الآلاف من العاطلين إلى سوق العمل كل عام من الخرجيين وغيرهم، هذا اضافة إلى تعطيل عقول الشباب المعينين دون اعمال واداء محدد لتشغيلهم.
وفي مقابل عدم سلامة الحلول التي لجأت اليه الحكومات السابقة والحكومة الحالية بالتعيينات (الفائضة عن الحاجة)، يقع العاطلون عن العمل بخطأ مقابل بالإصرار على التعيين بملاك الدولة ودون الحديث أو الاهتمام بمقولة ومبدأ الحديث عن توفير فرص العمل، لدفع الدولة ومؤسساتها وكذلك القطاع الخاص للبحث الجدي والمتواصل، لتوفير كل أسباب ومستلزمات توفير فرص العمل، (وبالطبع يمثل اقرار قانون العمل وفوائده ومغرياته، ولا نقول امتيازاته خطوة مهمة بهذا السبيل).
واذا كان من واجب الحكومة بل وكل مؤسسات الدولة بذل المساعي العملية الكبيرة لبحث تلك المستلزمات والعوامل لإيجاد الأرضية اللازمة الحقيقية لتوفير فرص العمل، فإن من واجب هذه الحكومة، كما الحكومات السابقة، ووزرائها والجهات المعنية بانطلاق اية تظاهرات مطلبية الدخول في حوار وتفاهم حقيقين مع أصحاب المطالب (سواء مطالب التعيين أو غيرها )، وكما في دول العالم المتقدمة لإيجاد الحلول الوسط أو الحلول الممكنة، بل وحتى عدم القدرة على الإقناع وايجاد الحلول الوسط والتسويات، فيجب تحريم وعدم اللجوء بتاتاً لاستخدام القوة والعنف ضدهم، الذي ربما يفاقم ويعقد المشكلة، وهذا يعني، ويتطلب، من رئيس الحكومة والوزراء والجهات المعنية بأي تظاهرة تنطلق برفع مطالب محددة لها، اختيار الشخصية القادرة على الحوار والتفاوض (وطولة البال اللازمة) بروح ودية وليس كخصم، وهو الامر الذي نشهد له بالتصرفات المتعالية وحتى المتغطرسة لبعض (المستشارين) أو المتحدثين باسم الجهات التي تكلفهم بالهمة للأسف
الشديد.
إن تكامل مواقف المتظاهرين للتعيينات أو غير ذلك من المطالب مع رؤية ومواقف الحكومة أو الوزراء والجهات المعنية بمطالب المتظاهرين، بالحوار في ضوء المصلحة الوطنية العامة، وتفهم كل طرف لمواقف وظروف الطرف الآخر، هو السبيل العملي الوحيد لمعالجة المشكلات والأزمات، التي تنشأ بين المتظاهرين السلميين، من اجل مطالب محقة من جهة، وبين الحكومة أو الجهات المعنية بالتظاهرات من جهة
اخرى.