بغداد: سرور العلي
بدأ لؤي الحضاري الرسم في عام 1985، وتنوع بين الكولاج والاير براش، وبعد دراسته الأكاديمية كان أول معرض شخصي له عام 2018، في بيت تركيب للفنون المعاصرة، وحمل عنوان (بقايا.. بقايا)، فكان عبارة عن تزاوج بين تلك اللوحات من طفولته وبين منحوتاته، وأوضح من خلال المعرض الفرق بين رسوماته التي كانت تحمل أحلام طفل عاش في بيئة خالية من الحروب وتسودها الألوان الزاهية، وبين قضايا الطفولة التي عاشها في وطنه، كالنازحين والمشرّدين وأطفال السرطان، وذوي الاحتياجات الخاصة.
تأثر الحضاري بالمدرسة التعبيريّة، والمدرسة الانطباعيّة، فمعظم أعماله النحتيَّة تسودها مسحات الألوان وضربات الفرشاة، كون بداياته كانت بسبب عشقه للألوان وللتكنيك الخاص بها، وأوضح: "برأيي الدراسة الأكاديمية والحالة الإبداعية، هما وجهان لعملة واحدة، فالإبداع والموهبة يجب تغذيتها وصقلها بالدراسة الأكاديمية، ليكون الفنان قادراً على العمل الاحترافي، كما قال الفنان العالمي بابلو بيكاسو: "اتقن القواعد كمحترف، حتى تتمكن من كسرها كفنان"، كما تأثر بالفنانين العالميين، ومنهم الفنان البرتو جياكوميتي، والفنان هنري مور، برغم أن التناقض بين الاثنين كبير، فالأول نجد المبالغة في التجريد، والثاني المبالغة في التضخيم، فوجدت نفسي أعشق المبالغة خاصة في الجسم البشري".
ولفت إلى أنه أول ما أثر في نفسه في مجال النحت، هو نتاج حضارة ما بين النهرين، فحضارتنا غزيرة بكم هائل لا ينتهي من الجمال والسحر في عالم النحت والعمارة، فكان هذا العشق منذ أول خطوة يخطوها داخل أروقة المتحف العراقي، فأصابه الذهول والفضول في معرفة كيفية نحت تلك التماثيل العظيمة، فكان هذا الفضول بداية للبحث عن الذات، وقرر بعدها أن يختص بالنحت.
وأول مشاركة فنيَّة له كانت في المعارض التي تقام داخل الاكاديمية، وبعد التخرّج كانت مشاركاته الأولى في جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، وفي المعارض السنوية، ومعارض النحت الخاصة، ومهرجان عشتار للشباب، فكانت له حصة الحصول على جائزتين لسنتين على التوالي، وجائزة أخرى في مهرجان بغداد عاصمة الإبداع، ومعرض مشترك مع فنان آخر أيضاً في بيت تركيب، أما عن المشاركات الخارجية، فكانت في برلين عام 2022، مع فنانين من بيت تركيب للفنون المعاصرة، إذ عملوا على معرض تحت عنوان "من بغداد إلى برلين".
وقال: "معظم أعمالي تحمل قصصاً معينة، وأهدافاً مختلفة، فدائما أحاول أن أسرد قصة معينة عن طريق مفردة النحت، وجذب المتلقي بالتساؤل عن الغموض الموجود في عملي، وآخر معرض لي كان عن مفردة الجفاف، وتأثيره على البيئة والإنسان، وكان قريباً للمتلقي كون المعرض أقيم في الشارع، ويحاور الطبقة التي لا تزور المعارض الفنيَّة، فمعرض Baghdad Walk هو معرض سنوي خاص للتركيب، فنحمل أعمالنا لجمهور الشارع".
وأشار إلى أن تقييمه للفن العراقي بشكل خاص قد يحمل نوعاً من النرجسية والغرور، ودائما يتحدث مع أصدقاء من بلدان أوروبية بهذا الخصوص وبكل فخر، فاذا قارنا بين الفنان العراقي، وبين غيره من الفنانين، فسنجد العراقي، وبكل أصنافه الفنية يعمل من أجل عشقه وشغفه لفنه، وليس من أجل المادة، فالكل يعلم أن الفنان العراقي يعمل ومع إدراكه بأن عمله الفني لن يُسوّق، ولن يكسبَ منه مادياً، ويتوقع أن هذا كافياً ليؤكد مدى عظمة الفنان العراقي.