الموازنة.. هدنة مؤقتة قبل الانتخابات المحلية

العراق 2023/06/15
...

 بغداد: حيدر الجابر


انتهت المواجهات السياسية الصاخبة تحت قبة البرلمان بعد إقرار الموازنة الاتحادية التي واجهت عدة عراقيل كادت أن تعصف بالمشهد السياسي وتعيد الجمود السابق إلى الأذهان، لولا صفقات اللحظة الأخيرة والحوارات التي أفضت إلى أن يستمر البرلمان بعقد جلساته إلى ساعات الفجر الأولى لأربعة أيام عصيبة على العراقيين، وهو ما يوحي بمعركة انتخابية حامية الوطيس في جميع المناطق.

ويرى أكاديميون ومراقبون في إقرار الموازنة أنه هدنة مؤقتة قبل بدء المعركة الانتخابية المقبلة نهاية العام الجاري والتي تستعد فيها الكتل -عدا التيار الصدري الذي لايزال موقفه غامضاً- لمحاولة تغيير الأوزان الانتخابية.

وقال الباحث والأكاديمي د.عبد العزيز العيساوي لـ"الصباح"،: إنَّ "الصراعات السياسية قبل وأثناء إقرار الموازنة العامة بعثت مؤشرات مسبقة بأنَّ المعركة الانتخابية ستكون حامية، وأنَّ بعض المعارك السياسية اتضحت معالمها بالتزامن مع التصويت على الموازنة"، مشيراً إلى وجود "صراعات مؤجلة بسبب الموازنة، فقد احتاجت القوى السياسية إلى بعضها لإكمال النصاب والتصويت" .

وتوقع العيساوي أن "تشهد الأسابيع المقبلة شكلاً من الصراعات الانتخابية مع الحديث عن انبثاق قوى سياسية جديدة في عدد من المحافظات وبمسميات جديدة تناغم الانتخابات المحلية، وهو مقدمة لتحالفات غير معروفة سابقاً"، لافتاً إلى أنَّ "الانتخابات المحلية تختلف عن التشريعية بسبب قانونها، وهذا ما يؤثر في طبيعة التحالفات" .

ويعتقد الباحث أنَّه "ستجري العودة إلى المكونات الفئوية الضيقة، باتجاه كل مرشح لعشيرته ومحافظته، وستزداد حدة الصراع الانتخابي، لأن قانون سانت ليغو هو لعبة صفرية بين القوى المتنافسة، وستفوز به التحالفات الكبرى"، بحسب تعبيره.

بينما قال الأكاديمي والمحلل السياسي د. حيدر علي، لـ"الصباح": إنَّ "الموازنة العامة للدولة دائماً ما كانت مثار مشكلات لما لها من تأثير في تماسك الاتفاقات السياسية والبعد المالي للدولة، فضلاً عن مكاسب أخرى تبتغيها أطراف تدخل في تشكيل الحكومة"، موضحاً أنَّ"إقرار الموازنة في البرلمان والتصويت على بنودها مهمة عسيرة أمام الكتل، في ضوء الاتجاه نحو الحفاظ على أكبر قدر ممكن من التوافقات التي يتم تمرير الموازنة في سياقها" .

وأضاف علي أنَّ "الأجواء السياسية الحالية لا تعدو كونها مؤقتة في ظل غياب الانسجام التام والصراع على توزيع الموارد والحصص، ولا سيما حصة إقليم كردستان الذي دأب على أخذ ضمانات من كل الأطراف قبل إتمام صفقة تشكيل الحكومة الحالية"، مؤكداً أنه "مشهد تكرر هذا العام في موازنة الثلاث سنوات، ببروز خلافات الاتفاق على آلية تصدير نفط الإقليم والأموال المستحصلة منه لتبرز معها اتجاهات تبلور مواقف سياسية جديدة لا يمكن التكهُّن بمساراتها ونتائجها القريبة، وإنما تطرح تساؤلات عديدة حول مدى استمرار العلاقة بين أطراف الحكومة ومسار الثقة بين المركز والإقليم فضلاً عن طبيعة التوافقات والتفاهمات المقبله، ولا سيما حول الموارد والثروات وآلية إدارتها" .

وأوضح أنَّ "هناك رؤى مهمة تتعلق بشكل الأزمة المقبلة التي قد تتسبب بها الموازنة وسبل التوافق حولها وتفكيكها في ضوء اتجاهات نحو التحالف وإعادة قراءة العلاقات بين الكتل السياسية على وفق البرامج الانتخابية التي ستعتمد من قبل مكونات الأداء السياسي، ولا سيما الأحزاب في إقليم كردستان" .

ولفت إلى أنَّ "التصويت على الموازنة طرح أكثر من رأي مبني على معطيات واقعية لعل أبرزها موضوع تغيير الأوزان السياسية للكتل، فضلاً عن تغيير خارطة الأداء الستراتيجي للقوى السياسية إلى جانب تغيير مسار التحالفات الراهنة والمقبلة، وحتى على مستوى الانتخابات القادمة" . 


تحرير: علي عبد الخالق