حسب الله يحيى
نسمع ونشاهد ونقرأ.. كل يوم وكل ساعة وعلى ألسنة جميع السادة من السياسيين والمسؤولين؛ جملة واحدة تتكرر دائما، فحواها أن الجميع لا يهمهم ولا يشغلهم ولا يؤرقهم ولا يكدر عيشهم..؛ سوى الدفاع عن (مصلحة المواطن)!
وهذا امر سار، ويبعث على التفاؤل ويدل على وجود سياسيين ومسؤولين، تظل قلوبهم نابضة بحب المواطن، وأنهم يناضلون ويدافعون بأرواحهم ويبذلون الغالي والنفيس من أجل المواطن!.
إلا أن هذا المواطن، يبحث ليل نهار، عن فحوى وجدية ومصداقية هذه الدعوى الطيبة والجميلة والاثيرة، علَّه يجد مفعولها قائما في صفحة واحدة على الأقل من صفحات حياته المثقلة بأعباء العيش ومقاومة الأمراض.
غير أن هذا البحث الذي يلازم المواطن غير مجد، بدليل أن أبسط المتطلبات ضمن المقاييس البشرية المقبولة غير متوفرة، فهناك من يعنى بفقراء الكون متبرعا لهم من قوت الشعب، بينما نجده بخيلا على فقراء بلاده، مثلما يغدقون المخصصات على أولي الأمر، ولا شأن لهم بالمواطن، بل يفرضون عليه ضرائب جديدة ويريدون أن يأخذوا منه حتى رغيف الخبز، الذي بالكاد يحصل عليه، بل يمعنون في أذى المواطن عندما يطفئون الأموال، التي بذمتهم من دون مراعاة أن هذه الاموال تعود إلى المواطن نفسه، كذلك يحاولون منح أنفسهم وأتباعهم شهادات عليا، عن طريق الجامعات الأهلية، بدعوى أنهم يريدون الوصول إلى رصانة العلم والتعليم ـ مع أن هذه الفقرة لم تأخذ سبيلها للتصويت في البرلمان، ولكنها ما كان ينبغي أن تطرح أصلا.
نعم.. هناك طبقة مسحوقة في بلد يعد ميزانية مستقبلية لثلاث سنوات مقبلة، بمعنى أنه يتم رسم خارطة تستشرف المستقبل (المزهر)، لا عن طريق مواجهة الواقع الراهن وتجاوز الماضي السلبي، وانما وضع معالم حية لمستقبل مجهول.
إن هذه (السعادة) لا نجدها في حصة غذائية ولا دوائية، ولا تفتح أفقا لتعليم أبنائنا أبجدية الحروف والحياة.
كذلك لا نجد من يحسب حسابا للمواطن في قطرة ماء نقي، ولا يحل جفافا كليا يلوح في الأفق ولا معالجة أزمة كهرباء مضى عليها عقدان من الزمن، ملقين الاخفاق على أصحاب المولدات الاهلية وجشعهم ومن ثم معاقبتهم، في وقت يمكن حل هذا الاستغلال والجشع لاصحاب المولدات عن طريق توفير الكهرباء إلى الوقود في الاقل الممكن، وجعل هؤلاء يبحثون عن سبل أخرى للعمل، بدلا من استغلال المواطن المرهق من جور الحكومة وتجار الخدمات.
الحلول لا تأتي سليمة عندما نلقي الأخطاء والسلبيات واعباء المواطن على الآخرين، بدعوى الدفاع عن (مصلحة المواطن).
هذه المصلحة لا تتحقق بالضغط والاكراه على فئة وفرت الطاقة الكهربائية لنفسها حسب، وليس للمواطن الذي فشلت فيه الحكومة في توفيرها له وكان من جراء ذلك استغلال المواطن.
وكذا الحال مع الدواء والمشافي والتعليم والسكن وووو...
الجميع يستغلون المواطن سرا وعلنا، بينما لا نجد إجراءات حقيقية تبذل لايجاد حلول.. فالمواطن العراقي يعاني من ويلات ومصائب كثيرة تثقل عليه حياته وآماله.
كثيرة هي الأموال التي تهدر ويتم التكتم عليها، بينما يعلن عن تحقيق مكاسب لـ (صالح المواطن)، لا نقول هذا الموقف سلبي نتخذه؛ وإنما عن حقيقة نعيشها ونتلمس وجودها ونستقبلها، ونقف بالضد منها ومن تصريحات وادعاءات يضعونها في رقبة المواطن نفسه.
إن المواطن العراقي من الذكاء والمعرفة، بحيث بات على علم تام، بأن ما يفعله هؤلاء ما هو إلا طريقة من طرق كثيرة، تسعى لسلب المواطن ارادته وحقوقه وحتى أنفاسه.
إن المواطنة حق من حقوق كل فرد ولا منة لأحد على أحد، اذا ما قدم للمواطن حقه في أن يعيش أمنا مستقرا مكفول العيش مضمون الوفرة، في ما يحتاجه تحت رعاية حكومة ترعاه وترعى مصالحه وتعنى بشؤونه، ذلك أن وجودها من وجوده، وبعكس ذلك تكون الحكومة، بكل سياسييها ومسؤوليها قد فرطت بالوطن والمواطنة، وأن كل ما ورد من خطابات ما هي الا كلمات تأخذها عواصف الايام ومحن المواطن القائمة على المحن.