علي حسن الفواز
تُعيد حوادث غرق المهاجرين إلى الأذهان صور الرعب النفسي والإنساني، والطابع الكارثي الذي يرافق مثل هذه الحوادث، والتي يذهب ضحيتها العشرات من الضحايا والمفقودين.
حادثة غرق قارب المهاجرين قبالة الساحل اليوناني، وفقدان أكثر من 500 شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، أثارت هلعاً كبيراً، في الأوساط الدولية الحقوقية والسياسية، مع دعوة المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة المعنية بشؤون اللاجئين إلى مراجعة سياساتها، واتخاذ الإجراءات الحاسمة للحدّ من مثل هذه الحوادث، إذ قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: “هذا مثال آخر على حاجة الدول الأعضاء إلى الاجتماع، وتوفير ممرات آمنة منظمة للأشخاص المضطرين إلى الفرار، ومن أجل إجراء شامل لإنقاذ الأرواح في البحر” فضلاً عن العمل على تقليل الضغوط على المهاجرين الباحثين عن مناطق آمنة للجوء، وصولاً إلى المساعدة في معالجة الأسباب التي تؤدي إلى موجات اللاجئين، لاسيما أحداث الصراع الأهلي، وأزمات الجفاف والاستبداد السياسي والبطالة، وإلى اتخاذ الإجراءات الرادعة لمواجهة قرصنة المهربين المسؤولين عن مثل هذه الجرائم.
هذه الحادثة التي تُعدّ الأسوأ في حوادث الهجرات غير الشرعية منذ أكثر من عقد، جسّدت تراجيديا الرعب الإنساني، وحوّلت شبه جزيرة بيلوبونيس اليونانية إلى دوستوبيا ملعونة، إذ وجد مئات المهاجرين أنفسهم أمام بحرٍ هائج، وضعفٍ في إجراءات الإنقاذ، مما تسبب في حدوث هذه الكارثة الكبيرة، التي أشار إليها فيدريكو صودا، مدير الطوارئ في المنظمة الدولية للهجرة بالقول: إنَّ “ التقارير تفيد بأنَّ محنة القارب بدأت صباح الثلاثاء، وكان من الواجب إنقاذ الأشخاص المعرضين للخطر في البحر من دون تأخير، وهي قاعدة أساسية في القانون البحري الدولي» . ثمة من يُخضِع هذه الحادثة إلى توصيف الجريمة الدولية، ويندِّد بضعف إجراءات شرطة خفر السواحل اليونانية، والتي لم ترتقِ إلى مستوى المسؤولية، لتقليل أعداد الضحايا، والقيام بأعمال الإنقاذ المناسبة، وضمن الوقت المناسب، وهو ما أشارت إليه صحيفة “افيمريدا تون سينتاكتو” اليونانية، والتي ألقت اللوم على الجهات الحكومية، رغم أنَّ المحكمة العليا اليونانية أمرت بإجراء تحقيق لتحديد أسباب هذه المأساة، وإيجاد السبل المناسة لتنظيم الأطر القانونية الخاصة بالمهاجرين الذين يطلبون اللجوء في الاتحاد الأوروبي.