نحو سياسات حازمة لانتزاع حصصنا المائيَّة من تركيا وإيران

آراء 2023/06/21
...

 عبد الحليم الرهيمي


تتسع، يوماً بعد آخر، مساحات التصحر والجفاف وشحة المياه في بغداد وفي معظم المحافظات وخاصة في الوسط والجنوب، مثلما تتسع في الوقت نفسه حاجة المزارعين والمشاريع الزراعية والصناعية، فضلاً عن حاجتهم للمياه اللازمة للشرب (مياه الشفه)، لاستهلاكهم حتى بالحد الادنى من حاجتهم، لذلك وهو الامر الذي يعبر عنه المواطنون باستمرار بالتظاهرات والوقفات الاحتجاجية. 

وليس من شك أن الآثار السلبية الكبيرة والضارة التي ترتبت وستترتب على هذا الوضع الخطير على المواطنين، وحتى على المحاصيل الزراعية والمنتوجات الصناعية لا يتطلب فقط، بل يوجب (استنفار) الجهات الحكومية والفنية المعنية بالمعالجة السريعة لهذه المشكلة أو التخفيف – اقله – من وطأتها في الوقت الراهن، وفي المستقبل.

واذا كان تعميم استخدام الوسائل الحديثة لعدم تبذير المياه وهدرها في الزراعة واستخدامات المصانع، وتحقيق التوازن في ضبط استخدام المياه الجوفية والحفاظ على مستوى خزنها للأجيال القادمة، وذلك فضلاً عن تطبيق النوايا والاقوال حول نصب محطات نووية أو عادية لتحلية مياه البحر من شواطئ البصرة ومد انابيب نقله إلى المحافظات والمناطق التي تحتاج اليه، فإن سباقنا مع الزمن لمعالجة هذه المشكلة وحلها تتناول أحد أوجهها المهمة، التي تتمثل بالسعي وتكثيف العمل لانتزاع حقوق الشعب العراقي من الحصص المائية المشروعة في نهري دجلة والفرات، وكذلك عبر استعادة حقوقنا وحصصنا في الـ 42 نهرا فرعيا يصب في نهر دجلة، وعمدت الجارة ايران بتحويل مجاريها نحو ايران بدل العراق وحرمانه من حصته المائية فيها كدولة مصب، وهذا يعني ويتطلب، بل ويستوجب مبادرة الجهات الرسمية المعنية، أن تقر الخطط الستراتيجية لمعالجة هذا الجانب من المشكلة، على أن يتشكل في ضوء تلك الخطط الستراتيجية وفدان فنيان خبيران ومؤهلان للدخول في مفاوضات جدية وعاجلة مع مسؤولي البلدين الجارين، وتكون قاعدة الحوار والتفاوض حول حصصنا المائية هي المبادئ أو الاتفاقات الدولية، التي تضمن حقوق الدول المتشاطئة في حصصها المائية من الانهار التي تتشاطئ بها في الدول المجاورة لها.

 اما اذا لم تثمر هذا المفاوضات عن حقوق وحصص العراق المائية من الانهار المشتركة جراء تمسك احدهما أو كلاهما بمواقف سلبية لا تقر بحقوق وحصص العراق المائية، فان ذلك يستوجب من الجهات الرسمية العراقية التوجه إلى مجلس الامن طلباً لمساعدته والوقوف إلى جانب العراق في الحصول على حقوقه في الحصص المائية التي يستحقها من تشاطئه مع الدول المجاورة.

وفي حال استمرار المفاوضات وتعقدها دون جدوى، فلن يبق أمام العراق سوى استخدام (السلاح) الاقتصادي، متمثلاً بخفض مستوى التبادل التجاري الذي يبلغ اكثر من 12 مليار دولار سنوياً لصالح تركيا، ومثله لصالح ايران والاستعاضة عنه بتنشيط الانتاج المحلي أو الاستيراد من دول صديقة اخرى، وذلك إضافة للتعامل مع الشركات التابعة للبلدين وتستفيد من عملها في العراق.

ربما يكون هذا أعقد الحلول لانتزاع حقوق العراق بحصص مائية عادلة من البلدين الجارين، هو الحل الذي جرى الحديث عنه بكثرة في السنوات الماضية، لكن لسان حال اغلبية العراقيين بعد التصحر والجفاف وندرة ماء الشرب قولهم: لقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد الصمت ممكناً.. فليصيح الجميع لتلك الاصوات.